للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السكران حكمه حكم المجنون فلا يصح إسلامه ولا تصح ردته, وهم لا يصححون ردته ولا إسلامه استحسانًا, أما حكم القياس عندهم فتصحيح ردته وإسلامه لأن الأحكام مبنية على الإقرار بظاهر اللسان لا على ما فى القلب إذ هو أمر باطن فلا يوقف عليه, أما وجه الاستحسان فإن أحكام الكفر مبنية على الكفر كما أن أحكام الإيمان مبنية على الإيمان, والإيمان والكفر يرجعان إلى التصديق والتكذيب, وإنما كان الإقرار دليلاً عليهما وإقرار السكران لا يصح دليلاً, وإذا لم يصح الدليل لم يثبت المدلول عليه (١) .

ويتفق المذهب الظاهرى مع مذهب أبى حنيفة فى هذه المسألة, فالظاهريون لا يعتبرون ردة السكران ولا أى فعل أتاه وهو سكران سواء أدخل السكر على نفسه أم أدخله عليه غيره (٢) .

وفى مذهب مالك والشافعى وأحمد والشيعة الزيدية خلاف, والرأى الراجح فى هذه المذاهب أو ردة السكران لا تصلح إذا أدخل السكر على نفسه وكان عالمًا بأنه يتناول سكرًا, أما الرأى المرجوح فلا يصحح ردته لأنه زائل العقل ولأن المسألة متعلقة بالاعتقاد (٣) .

ويلاحظ أن القائلين بتصحيح ردة السكران يصححون إسلامه, وأن القائلين بعدم تصحيح الردة لا يصححون إسلام السكران.

٦٧٧- ردة الصبى وإسلامه: من المتفق عليه أن ردة الصبى الذى لا يعقل غير صحيحة, ولكنهم اختلفوا فى ردة الصبى الذى يعقل على الوجه الآتى:

فيرى أبو حنيفة ومحمد أن البلوغ ليس شرط للردة فتصح ردة الصبى الذى يعقل, ويرى أبو يوسف أن الصبى الذى لم يبلغ لا تصح ردته, وحجتهما أن الصبى


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص١٣٤, شرح فتح القدير ج٤ ص٤٠٧.
(٢) المحلى ج١٠ ص٢٠٨, ٣٤٤, المحلى ج٧ ص٣٢٢ وما بعدها.
(٣) المغنى ج١٠ ص١٠٨, ١١٠, نهاية المحتاج ج٧ ص٣٩٧, المهذب ج٢ ص٢٣٨, شرح الأزهار ج٤ ص٥٧٥, مواهب الجليل ج٤ ص٣٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>