للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو الفعل ماساً بالصالح العام أو النظام، وهذا في ذاته تحديد للجريمة، ونص صريح على أن كل إنسان أتى فعلاً يمس مصلحة عامة أو نظام الجماعة، أو وجد في حالة تؤذي المصلحة والنظام العامين - يعاقب بالعقوبات المقررة للمعاصي، والفعل المحرم إذا لم يعين بذاته فإنه يعين بوصفه.

١٠٨ - لا جريمة ولا عقوبة بلا نص في هذا النوع من التعزير: فالشريعة إذن لم تخرج على القاعدة القائلة بأن لا جريمة ولا عقوبة بلا نص، وإنما تساهلت في تطبيقها على هذا النوع من الجرائم أكثر مما تساهلت في تطبيقها على جرائم التعزير العادية. فبدلاً من أن تنص على الفعل المكون للجريمة وتحدد له عقوبة مقدرة كما فعلت في جرائم الحدود أو جرائم القصاص والدية، وبدلاً من أن تنص على الفعل المحرم وتعينه ثم تترك القاضي أن يعاقب عليه بالعقوبة التي يراها ملائمة من بين العقوبات المقررة للتعزير، جاءت بدلاً من هذا كله تقرر: أن كا فعل أو حالة تمس نظام الجماعة أو مصلحتها يعاقب عليها بالعقوبة التي يراها القاضي ملائمة من العقوبات المقررة للتعزير.

ونستطيع أن نتبين فيما يلي الطرائق المختلفة التي اتبعتها الشريعة في تطبيق قاعدة أن لا عقوبة ولا جريمة بلا نص، ومدى الفرق بين هذه الطرائق:

أولاً: من حيث النص على الجريمة: حددت الشريعة عين الفعل المكون للجريمة، وعينته تعييناً لا شك فيه في جرائم الحدود، وفي جرائم القصاص والدية، وفي جرائم التعازير العادية، فهو جريمة في أي وقت، وفي أي ظرف، أما في التعزير للصالح العام فالفعل المحرم لم يحدد بعينه، وإنما حُدد بوصفه، ولما كان من الممكن أن يتخلف الوصف عن الفعل، فيترتب على هذا أن يكون فعل ما في بعض الظروف ماساً بصالح الجماعة أو نظامها، وفي ظروف أخرى غير ماس بهما.

ثانياً: من حيث النص على العقوبة: نصت الشريعة على العقوبات المقررة للجرائم في كل الأحوال، ولكنها عينت عقوبة كل جريمة على حدة، وجعلتها

<<  <  ج: ص:  >  >>