للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما القوانين الوضعية فالأصل فيها أن تحدد الجريمة، وتعيينها تعييناً دقيقاً، وتبين أركانها الأساسية التي لا تقوم بغيرها، ومن ثم كانت الأفعال التي يمكن أن تدخل تحت أي نص محدودة، وكانت كل حلة جديدة تقتضي تغييراً في النصوص، وكان من السهل التحايل على النصوص والتهرب من أحكام قانون العقوبات. ولعل هذا هو الذي دعا علماء القانون الآن إلى أن يفكروا في أن تكون النصوص عامة ومرنة؛ لدرجة تسمح بأن تحكم كل الحالات، وهذا الذي يقوم به علماء القانون اليوم هو الأساس الذي قامت عليه الشريعة الإسلامية.

رابعاً: من حيث العقوبة: القاعدة العامة في الشريعة هي أن ينص على عقوبة الجريمة بحيث تتعين العقوبة لا شك فيه، وبحيث لا يكون للقاضي أن يخلق عقوبة من عنده، وقد فرقت الشريعة بين الجرائم التي تمس أمن الجماعة ونظامها مساساً شديداً، وبين غيرها من الجرائم، والقسم الأول هو جرائم الحدود وجرائم القصاص والدية، والقسم الثاني هو جرائم التعازير بأنواعها المختلفة. ففي جرائم القسم الأول لكل جريمة عقوبة أو عقوبات معينة، لا خيار للقاضي في توقيعها، هو ملزم بالحكم بها متى ثبت لديه أن الجاني أرتكب الجريمة. أما في القسم الثاني فقد عينت الشريعة مجموعة من العقوبات لجرائم التعازير بأنواعها، وتركت للقاضي أن يختار العقوبة الملائمة أو أكثر من عقوبة، كما تركت له أ، يقدر العقوبة من بين الحد الأعلى والحد الأدنى للعقوبة إذا كانت ذات حدين، وأن يوقف تنفيذ العقوبة أو يمضيها طبقاً لما يراه ملائماً لحال المجرم ولظروف الجريمة.

أما القوانين الوضعية فتحدد لكل جريمة عقوبة واحدة هي في الغالب ذات حدين، أو تحدد لكل جريمة عقوبتين كلتاهما ذات حدين، وتترك للقاضي أن يوقع العقوبتين أو عقوبة واحدة، وأن يقدر العقوبة من بين الحد الأدنى والأعل للعقوبة، وله أن يوقف تنفيذ العقوبة بشروط معينة وله أن يمضيها، وفي كيثر من الجرائم تشترط القوانين الوضعية أن لا تنزل العقوبة عن حد معين

<<  <  ج: ص:  >  >>