للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعتبر من حقوق الله الخالصة؛ أي من حقوق الجماعة: الضرائب، والعقوبات على الجرائم الماسة بالجماعة كالزنا والسرقة والحرابة، والعقوبات التعبدية كالكفارة، وغير ذلك مما يمس حقوق الجماعة ويؤثر على أمنها ونظامها وتماسكها وقوتها.

وهناك أفعال تمس حقوق الأفراد ولكن حق الجماعة غالب عليها، كحد القذف؛ لأن الجريمة تمس الأعراض، ففي العقوبة عليها مصلحة خاصة للمقذوف كما أن في عدم التبليغ عنها مصلحة خاصة له أيضاً؛ لأن للقاذف أن يثبت صحة القذف، وإثبات ذلك قد يؤدي إلى إقامة حد الزنا على المقذوف. ولما كانت الجريمة تمس الأعراض، وتؤدي إلى التنابز والتعادي، وتشويه السمعة، وتلويث الأمهات والأولاد، والتشكيك في نظام الأسرة، جعل الحد حقاً لله، وغلب حق الله على حق المقذوف بحيث إذا أثبتت الجريمة فليس للمقذوف أن يتنازل أو يعفو، وإن كان له أن يبلغ عن الجريمة.

وهناك أفعال تمس حقوق الجماعة ولكن حق الفرد غالب فيها، مثل القتل، فإنه يمس أمن الجماعة ونظامها، ويمس الأفراد مساساً مباشراً، والعقوبة عليه وضعت لحفظ مصالح الجماعة والأفراد، ولكن أعطى للفرد حق العفو عن عقوبة القصاص أو عقوبة الدية، فغلب بذلك حق الفرد على حق الجماعة (١) .

والأفعال التي تمس حقوق الأفراد الخالصة هي التي تمس حقوقاً ترك للأفراد أن يستوفوها أو يتركوها، كتحصيل الدين، وحبس العين المرهونة، والمطالبة بالتعويض المترتب على فعل الجاني.


(١) راجع الفقرتين ٣٨١، ٤٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>