للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإنما يحكم ببراءته؛ لانعدام القصد الجنائي لديه، والقصد الجنائي ركن من أركان جريمة الزنا. ومن أخذ خفية مالاً له وهو يعتقد أنه مال الغير لا يعاقب على السرقة حداً ولا تعزيراً؛ لانعدام ركن من أركان الجريمة، وهو كون المال مال الغير.

الثانية: أن تكون الشبهة قائمة في انطباق النص المحرم على الفعل المنسوب للمتهم، فمن تزوج بلا شهود أو بلا ولي، أو تزوج زواج متعة، لا يعاقب حداً ولا تعزيراً باعتباره زانياً؛ لأن العلماء اختلفوا في هذه الأنكحة، فأحلها بعضهم وحرمها البعض الآخر، وهذا الاختلاف معناه الشك في انطباق نص الزنا على هذه الأفعال، ومن ثم تجب تبرئة المتهم من الجناية المنسوبة إليه.

الثالثة: أن تكون الشبهة قائمة في ثبوت الجريمة، فإذا شهد شخصان على آخر بأنه شرب خمراً، ثم عدلا عن شهادتهما ولم يكن هناك دليل آخر، درئ الحد لشبهة صدق الشاهدين في عدولهما، وبرئ المتهم مما نسب إليه. وإذا نسب إلى شخص يُجَنُّ ويفيق أنه ارتد أو سرق، ولم يعلم إن كان ارتكب الجريمة وقت الإفاقة أو وقت الجنون، درئ عنه الحد؛ لشبهة عدم التكليف، وبرئ مما نسب إليه.

وفيما عدا هذه الحالات الثلاث فإن تطبيق القاعدة إذا أدى لدرء الحد فإنه يؤدي في الوقت ذاته إلى استبدال التعزير بالحد أياً كان مصدر الشبهة، فالأب يدرأ عنه الحد في سرقة مال ولده؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "أنت ومالك لأبيك"، ولكنه يعزر؛ لأن الدرء كان لشبهة حكمية أي شبهة في المحل. ومن يأت زوجته في دبرها يدرأ عنه الحد للشبهة في المحل، ولكنه يعزر. ومن يتزوج مَحرَماً أو يستأجر امرأة للزنا يُدرأ عنه الحد لشبهة العقد عند أبي حنيفة، ولكنه يعزر. ومن سرق مالاً تافهاً كالتراب، أو مباح الأصل كالصيد بعد صيده، يدرأ عنه حد السرقة عند أبي حنيفة؛ لشبهة التفاهة والإباحة، ولكنه يعزر. ومن يسرق باب المسجد يدرأ عنه الحد في رأي أبي حنيفة لشبهة عدم الحرز، ولكنه يعزر. وإذا نسب إلى شخص سرقة مثلاً، واشتبه فيما إذا كان بلغ الحلم أم لم يبلغ، درئ عنه

<<  <  ج: ص:  >  >>