الآخر لحالة آخرى، أو يجعل أحد النصين مبيناً الحكم الدنيوي، والثاني مبيناً الحكم الأخروي، أو يجعل أحدهما حقيقياً، والثاني مجازياً، أو بغير ذلك.
وإذا لم يعلم تاريخ ورود النصين المتعارضين، ولم يقم دليل على رجحان أحدهما على الأخر، ولم يمكن الجمع والتوفيق بينهما، عُدل عن الاستدلال بهما إلى الاستدلال بما دونهما مرتبة، فإن كان التعارض بين متواترين عدل إلى خبر الآحاد.
ويراعى دائماً في حالة الترجيح والجمع والتوفيق عدم الخروج على مبادئ الشريعة العامة وروح التشريع، فتكون الموازنة بين الأدلة قائمة على ضوء مقاصد الشارع والمبادئ العامة.
١٨٦ - النسخ: هو إبطال حكم تشريعي بدليل يدل عليه صراحة أو ضمناً إبطالاً كلياً أو جزئياً لمصلحة اقتضته.
فالنسخ الصريح: هو أن يصدر تشريع ينص صراحة على إبطال تشريع سابق، ومثال ذلك ما حدث في تشريع الزنا، فقد كانت العقوبة أول الأمر الحبس في البيوت والإيذاء، وذلك قوله تعالى:{وَاللاَّتِي يَأْتِينَ الْفَاحِشَةَ مِن نِّسَآئِكُمْ فَاسْتَشْهِدُواْ عَلَيْهِنَّ أَرْبَعةً مِّنكُمْ فَإِن شَهِدُواْ فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ حَتَّىَ يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللهُ لَهُنَّ سَبِيلاً *وَاللَّذَانَ يَأْتِيَانِهَا مِنكُمْ فَآذُوهُمَا فَإِن تَابَا وَأَصْلَحَا فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ تَوَّابًا رَّحِيمًا}[النساء: ١٥، ١٦] ، ثم نسخ ذلك صراحة بقوله تعالى:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢] ، وبقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "خذوا عني فقد جعل الله لهن سبيلاً، البكر بالبكر جلد مائة وتغريب عام، والثيب بالثيب جلد مائة ورجم بالحجارة". ومثل النسخ الصريح أيضاً قول الرسول عليه السلام:"كنت نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها، فإنها تذكركم الحياة الآخرة".
والنسخ الضمني: هو أن يصدر الشارع تشريعاً لاحقاً لا ينص فيه صراحة