على إبطال التشريع السابق، ولكنه يأتي في التشريع اللاحق بأحكام تعارض أحكام التشريع السابق، بحيث لا يمكن التوفيق بين التشريعين إلا بإلغاء أحدهما، فيعتبر اللاحق ناسخاً للسابق ضمناً.
والنسخ الكلي: هو إبطال تشريع سابق إبطالاً كلياً بالنسبة لكل فرد من أفراد المكلفين.
والنسخ الجزئي: هو أن يجئ التشريع عاماً شاملاً كل فرد مكلف، ثم يلغى بالنسبة لبعض الأفراد، ومثال ذلك حكم القذف، فقد كان عاماً ثم نسخ بالنسبة إلى الأزواج فقط حيث شرعت لهم الملاعنة.
١٨٧ - محل النسخ: محل النسخ هو الأحكام التشريعية، وليست نصوص القرآن والسنة كلها قابلة للنسخ، بمعنى أن ما ورد به نص سابق يمكن أن ينسخه نص لاحق، فهناك نصوص محكمة لا تقبل النسخ بحال، وهي:
أولاً: النصوص التي تضمنت أحكاماً أساسية كالنصوص التي أوجبت الإيمان بالله ورسله وكتبه واليوم الآخر، والنصوص التي جاءت بأصول العقائد والعبادات، والنصوص التي قررت أمهات الفضائل كالصدق والعدل وأداء الأمانات، والنصوص التي حرمت الرذائل كالشرك بالله وقتل النفس بغير الحق، والزنا، والسرقة، والفساد في الأرض والظلم وغير ذلك.
ثانياً: النصوص التي جاءت بأحكام مؤبدة، كقوله تعالى في قاذفي المحصنات:{وَلا تَقْبَلُوا لَهُمْ شَهَادَةً أَبَدًا}[النور: ٤] .
ثالثاً: النصوص التي دلت على وقائع وقعت وأخبرت عن حوادث، كقوله تعالى:{فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ}[الحاقة: ٥] ، وكقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "نصرت بالرعب مسيرة شهر"؛ لأن نسخ الخبر تكذيب للمخبر به، والكذب محال على الشارع.
هذه الأنواع الثلاثة من النصوص لا تقبل النسخ وليست محلاً له، أما ماعداها من النصوص فهو يقبل النسخ.