١٨٨ - متى كان النسخ؟: وإذا قلنا أن النصوص تقبل النسخ أو لا تقبله، فهذا القول فيما يتعلق بالقرآن والسنة ينطبق على العهد الذي كان التشريع ينزل فيه، وهو ينتهي بوفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -، أما بعد وفاته فقد أصبحت نصوص القرآن والسنة محكمة جميعها لا تقبل النسخ، ولا هي محل له، حيث لا توجد سلطة تملك تغيير ما أنزله الله على رسوله بعد انقطاع الوحي ووفاة الرسول - صلى الله عليه وسلم -.
١٨٩ - أي النصوص تنسخ الأخرى؟: القاعدة العامة في الشريعة أن النص لا ينسخه إلا نص في قوته أو أقوى منه، وأن النص الأقل قوة لا ينسخ نصاً أقوى منه. والنصوص في الشريعة مصدرها - كما علمنا - القرآن والسنة والإجماع والقياس، وما يصدره أولو الأمر من قوانين ولوائح وقرارات.
والمصدران الأساسيان للشريعة هما القرآن والسنة، فهما اللذان جاءا بأسس الشريعة وأحكامها العامة والخاصة، أما بقية المصادر فهي لا تأتي بأسس شرعية جديدة، ولا تضع أحكاماً عامة جديدة، وإنما هي طرق للاستدلال على الأحكام الفرعية من نصوص القرآن والسنة، فهي لا يمكن أن تأتي بما يخالف القرآن والسنة، لأنها تستمد منهما وتستند على نصوصهما، وهذا ينطبق على الإجماع والقياس كما ينطبق على القوانين واللوائح التي يصدرها أولو الأمر، فالإجماع أساسه اتفاق المجتهدين على حكم شرعي متفق مع نصوص القرآن والسنة، فإن لم يكن نص فلا بد أن يكون متفقاً مع مبادئ الشريعة العامة وروحها. والقياس أساسه إلحاق ما لا نص فيه بما فيه نص من القرآن والسنة، والقوانين واللوائح تصدر من أولي الأمر لتنظيم حال الجماعة على أساس القرآن والسنة، وتجب طاعتها كلما كانت صادرة على هذا الأساس، وإلا فلا طاعة لها ولا لمن أصدرها.
ويتبين مما سبق أن القرآن والسنة هما أساس الشريعة ومرجعها، وأنهما أقوى مصادر الشريعة وأعلاها درجة، أما بقية المصادر فهي تابعة للقرآن والسنة، وتقوم على نصوصهما، فالقرآن والسنة أصل وبقية المصادر فروع لهما،