للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويقول: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [الحشر: ٧] ، ويقول: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ} [النساء: ٥٩] .

وتنطبق نظرية البطلان على عمل الأفراد والجماعات، والحكام والمحكومين، وتصرفات هؤلاء وهؤلاء، فكل عمل أو تصرف جاء موافقاً لنصوص الشريعة أو مبادئها العامة وروحها فهو صحيح، وما جاء مخالفاً لنصوص الشريعة أو مبادئها العامة أو روحها التشريعية فهو باطل بطلاناً أصلياً، ولا يترتب عليه أي أثر، ومن ثم فكل قانون أو لائحة أو أمر جاء على خلاف الشريعة فهو باطل بطلاناً مطلقاً، وكل عبادة جاءت على خلاف الشريعة فهي عبادة باطلة، وكل تصرف أو عقد جاء على خلاف الشريعة فهو باطل بطلاناً مطلقاً. فالعمل إما أن يكون موافقاً للشريعة فهو صحيح، وإما أن يكون مخالفاً لها فهو باطل، وهذا هو رأي جمهور الفقهاء.

والمخالفون وهم الأحناف يخالفون نظرية الجمهور فيما يمس حقوق الجماعة، فعندهم أن القوانين واللوائح والأوامر المخالفة للشريعة باطلة بطلاناً مطلقاً، ولكنهم يخالفون فيما يمس بحقوق الأفراد، أي في العقود والتصرفات، فيرون أنها تكون صحيحة إذا كانت موافقة للشريعة، فإذا جاءت على خلافها فهي باطلة بطلاناً مطلقاً إذا كان الخلل في أصل العقد أو التصرف، أي في ركن من أركانه، أما إذا كان الخلل في وصف من أوصاف العقد أو التصرف، أي في شرط خارج عن ماهيته وأركانه، فالعقد أو التصرف يكون فاسداً لا باطلاً. والفرق بين الفاسد والباطل عندهم أن الباطل لا يترتب عليه أثر مطلقاً، وأن الفاسد يترتب عليه بعض آثاره (١) .

وإذا طبقنا نظرية البطلان على القوانين واللوائح والقرارات والأوامر، أمكننا أن نقول على وجه القطع: إن التشريعات الوضعية على اختلاف أسمائها


(١) الإحكام في أصول الأحكام للآمدي ج١ ص١٨٦، ١٨٧، المستصفي للغزالي ج١ ص٩٤، أصول الفقه لعبد الوهاب خلاف ص٩٩- ١٠١.

<<  <  ج: ص:  >  >>