تكون باطلة بطلاناً مطلقاً كلما جاءت مخالفة لنصوص الشريعة الإسلامية، أو خارجة عن مبادئها العامة، أو مباينة لروح التشريع الإسلامي. وأساس هذا البطلان كونها مخالفة للشريعة طبقاً لرأي جمهور الفقهاء، وأساسه - طبقاً لرأي أبي حنيفة وأصحابه - أن القوانين واللوائح والأوامر بما يمس صالح الجماعة ونظامها العام، أو يمس حقوق الله طبقاً لتعبيرهم، وكل ما يتصل بصالح الجماعة ونظامها باطل بطلاناً مطلقاً إذا جاء مخالفاً للشريعة الإسلامية، فأساس البطلان إذن بإجماع الفقهاء هو مخالفة القوانين واللوائح والقرارات والأوامر لنصوص الشريعة أو مبادئها العامة أو روحها التشريعية.
١٩٣ - الأدلة على بطلان التشريعات الوضعية المخالفة للشريعة: بينا فيما سبق أن تطبيق نظرية البطلان في الشريعة يقتضي إبطال التشريعات الوضعية المخالفة للشريعة الإسلامية، وسنبين الآن أن هذا البطلان يستند إلى نصوص القرآن، ونصوص السنة، وإلى الإجماع، وهي مصادر القانون الجنائي في الشريعة الإسلامية. فقد جاءت نصوص القرآن والسنة صريحة في إبطال كل ما يخالف الشريعة، ومن ثم انعقد الإجماع على احترام هذه النصوص الصريحة وإبطال كل ما يخالفها، وسنقدم فيما يلي الأدلة على ذلك:
١ - إن الله أمر باتباع الشريعة ونهى عن اتباع ما يخالفها: فلم يجعل لمسلم أن يتخذ من غير شريعة الله قانوناً، وجعل كل ما يخرج على نصوص الشريعة، أة مبادئها العامة، أو روحها التشريعية، محرماً تحريماً قاطعاً على المسلمين بنص القرآن الصريح، حيث قسم الله الأمر إلى أمرين لا ثالث لهما: إما الاستجابة لله والرسول واتباع ما جاء به الرسول، وإما اتباع الهوى، فكل ما لم يأت به الرسول فهو من الهوى بنص القرآن، وذلك قوله تعالى:{فَإِن لَّمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ فَاعْلَمْ أَنَّمَا يَتَّبِعُونَ أَهْوَاءهُمْ وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِّنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ}[القصص: ٥٠] .