للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظامها، ويشترط أن لا يحرجوا في يحرمون فعله أو يوجبون فعله على نصوص الشريعة، أو مبادئها العامة، أو روحها التشريعية.

والقاعدة العامة التي تأخذ بها الشريعة في العقاب على جرائم التعازير: أنها حددت مجموعة من العقوبات التعزيرية تبدأ بأخف العقوبات وتنتهي بأشدها، وتركت للقاضي أن يختار من هذه المجموعة العقوبة أو العقوبات التي يراها ملائمة للجريمة والمجرم.

وإذا كانت تلك هي القاعدة العامة التي سارت عليها الشريعة في جرائم التعازير التي نصت عليها، إلا أنه ليس في الشريعة ما يلزم أولي الأمر بالسير على هذه القاعدة في الجرائم التي تركت لهم الشريعة تحديدها، بل ليس في الشريعة ما يمنع أولي الأمر من أن يجعلوا لكل جريمة تعزيرية حرمتها الشريعة أو حرمها أولو الأمر عقوبة معينة يلزم القاضي توقيعها إذا ثبتت الجريمة، أو جعله لكل جريمة عقوبتين يختار القاضي إحداهما، كذلك ليس في الشريعة ما يمنع أولي الأمر من تعيين الحد الأدنى للعقوبة، بحيث لا يستطيع القاضي أن ينزل عنه، وهذا الذي لا تمنع منه الشريعة هو الذي عمل به في قوانين العقوبات.

ولما كانت نصوص قانون العقوبات واللوائح والقرارات التي تعين الجرائم وتعاقب عليها قد وضعت بمعرفة أولي الأمر، فإن الجرائم التي تنص عليها تعتبر طبقاً للشريعة جرائم تعزيرية، كلما كانت متفقة مع نصوص الشريعة أو غير خارجة على مبادئها العامة وروحها التشريعية.

ويلاحظ أن القوانين الجنائية وضعت في البلاد الإسلامية دون أن يراعي واضعوها نصوص الشريعة، بل إنهم تعمدوا إغفال النصوص الشرعية إغفالاً تاماً، وبهذا خرج أولو الأمر عن حدود وظيفتهم، وهذا الخروج إذا كان لا يؤدي إلى بطلان كل عملهم فإنه يؤدي إلى بطلان كل ما يصدر عنهم مخالفاً للشريعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>