وقد ترتب على إغفال أولي الأمر لنصوص الشريعة من ناحية، وعلى ما لهم من حق التشريع من ناحية أخرى، أن أصبح لدينا ثلاثة أنواع من جرائم التعازير:
النوع الأول: جرائم نصت عليها الشريعة ولم تنص عليها القوانين واللوائح: مثل جريمة أكل الميتة ولحم الخنزير، وجريمة البيوع الربوية، والامتناع عن إخراج الزكاة، ومخالفة أحكام العدة، ومخالفة الهيئات المشروعة للعبادات كالجهر في صلاة الإسرار، والإسرار في صلاة الجهر، وكالزيادة في الصلاة.
النوع الثاني: جرائم نصت عليها الشريعة ونصت عليها القوانين واللوائح: وهذه الجرائم قسمان: قسم لا تختلف فيه الشريعة عن القوانين كجرائم تطفيف الكيل والوزن وخيانة الأمانة والرشوة، وقسم تختلف فيه الشريعة عن القانون كجريمة الربا، فالشريعة تعاقب على الربا في كل صوره، أما القانون فلا يعاقب إلا على الربا الفاحش بشروط وقيود خاصة، وكجرائم المقامرة والمراهنة، فإن الشريعة تحرمها تحريماً مطلقاً، بينما تحرمها القوانين في حالات خاصة.
النوع الثالث: جرائم نصت عليها القوانين واللوائح ولم تنص عليها الشريعة: وهذه الجرائم قسمان: قسم يقوم على مبادئ تتفق مع مبادئ الشريعة العامة وروحها التشريعية، كمخالفات السيارات والتعليم، ومثل الأفعال التي قصد من تحريمها تنظيم الجماعة كقوانين تنظيم المهن، أو التي قصد من تحريمها تحقيق مصلحة عامة كمكافحة الآفات والأمراض. وقسم يقوم على مبادئ تخالف نصوص الشريعة وتتنافى مع مبادئها العامة وروحها التشريعية، ومن الأمثلة على ذلك: الجرائم التي نصت عليها لائحة بيوت الدعارة، فالمبدأ الذي قامت عليه هذه اللائحة هو إباحة الزنا والترخيص به رسمياً، وقد وضعت اللائحة لتنظيم مبدأ الإباحة، بينما الشريعة تحرم الزنا في كل صوره تحريماً مطلقاً. ومن أمثلة هذا القسم: الجرائم التي نصت عليها القوانين التي تنظم تقطير الخمور وبيعها وتقديمها،