للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تخالف الشريعة الإسلامية القوانين الوضعية في العقاب على الجرائم الدينية، فإن الخلاف راجع إلى اختلاف طبيعة النظم، ولن يثني هذا الخلاف المسلمين عن تفصيل النظام الإسلامي على غيره من الأنظمة، كما لم يثن الشيوعيين عن تحبيذ الشيوعية وتفضيلها على غيرها من الأنظمة، مع أنها تخالف كل نظام وضعي أو سماوي وجد على وجه الأرض حتى اليوم، كما أنها لا تتفق مع طبائع الأشياء.

ولقد قلنا: إن الشريعة الإسلامية تقسم الجرائم إلى جرائم عامة تقع من كل الرعايا، وجرائم خاصة تقع من المسلمين دون غيرهم، وإن أساس هذه الجرائم الخاصة هو الدين. وقلنا: إن هذا المسلك غير غريب على القوانين الوضعية في اتجاهها الحديث وإن كانت لا تجعل أساس التفرقة الدين. وتفصيل ذلك أن القوانين الوضعية الحديثة لا تخلو من نصوص خاصة لا تنطبق إلا على بعض الأشخاص أو بعض الهيئات، كالنصوص التي تنطبق على القضاة دون غيرهم، أو على المحامين أو الأطباء، وهذه النصوص تحرم على بعض الأشخاص أو بعض الهيئات أفعالاً معينة، وتعاقب عليها بعقوبات خاصة، وتحريم بعض الأفعال على أشخاص أو فئات معينة يساوي ما فعلته الشريعة من عقاب المسلم على بعض الأفعال المحرمة عليه دون غيره، ومعنى ذلك أن القوانين الوضعية الحديثة قد اضطرت لحماية المصلحة الفردية والعامة أن تأخذ بالنظرية التي جاءت بها الشريعة الإسلامية من أربعة عشر قرناً لحماية مصالح الجماعة ونظامها العام.

٢٤٥ - هل تفرق الشريعة في العقوبة بين المسلم وغير المسلم؟: القاعدة في الشريعة أن من ارتكب جريمة عوقب بالعقوبة المقررة لها، وإذا كانت الشريعة تحرم الفعل على فئة دون فئة للأسباب التي بيناها فيما سبق فإن الشريعة لا تخص فئة بعقوبة دون فئة.

والعقوبات في الحدود مقدرة، أي عقوبات ذات حد واحد لا تزيد ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>