يقتضي مضي مدة يعلم بها صدق التوبة، ولكن البعض الآخر يكتفي بالتوبة ولا يشترط إصلاح العمل (١) .
ويترتب على الأخذ بهذه النظرية أن تسقط العقوبة عمن يعدل عن إتمام جريمته تائباً كلما كانت الجريمة مما يمس حقوق الجماعة، أما الجرائم التي تمس حقوق الأفراد فلا يؤدي العدول عن ارتكابها لسقوط العقوبة بحال ولو كان سبب العدول هو التوبة.
النظرية الثانية: وهي نظرية مالك وأبي حنيفة وبعض الفقهاء في مذهبي الشافعي وأحمد، ومجمل رأيهم أن التوبة لا تسقط العقوبة إلا في جريمة الحرابة للنص الصريح الذي ورد فيها؛ لأن الأصل أن التوبة لا تسقط العقوبة، فالله أمر بجلد الزاني والزانية فقال:{الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِّنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ}[النور: ٢] ، فجعل الجلد عاماً للتائبين وغير التائبين، وقال تعالى:{وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُواْ أَيْدِيَهُمَا}[المائدة: ٣٨] ، فجعل القطع للتائب وغير التائب.
وقد أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - برجم ماعز والغامدية وقطع الذي أقر بالسرقة وكلهم جاءوا تائبين معترفين على أنفسهم يطلبون أن يتطهروا من ذنوبهم بإقامة الحد عليهم، وقد سمى الرسول فعلهم توبة فقال في حق المرأة:"لقد تابت توبة لو قسمت على سبعين من أهل المدينة لوسعتهم".
ويرى هؤلاء الفقهاء أن العقوبة لا تسقط بالتوبة، لأنها كفارة عن المعصية، ولا يرون شبهاً بين المحارب وبين غيره من المجرمين حتى يقاس أحدهما على الآخر، فالمحارب شخص لا يقدر عليه فجعلت التوبة مسقطة لعقوبته إذا تاب قبل القدرة عليه بتشجيعه على التوبة والامتناع عن الفساد في الأرض، أما المجرم العادي فهو شخص مقدور عليه دائماً فليس ثمة ما يدعو لإسقاط العقوبة عنه بالتوبة، بل إن العقوبة هي التي تزجره عن الجريمة، وفضلاً عن ذلك فإن القول بأن