للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التوبة تسقط العقوبة يؤدي إلى تعطيل العقوبات؛ لأن كل مجرم لا يعجز عن ادعاء التوبة (١) .

ويترتب على هذه النظرية أن عدول الجاني عن إتمام جريمته تائباً راجعاً إلى الله لا يمنع عنه العقوبة كلما اعتبر فعله معصية.

النظرية الثالثة: وهي نظرية ابن تيمية وتلميذه ابن القيم وهما من الحنابلة. وعندهما أن العقوبة تطهر من المعصية، وأن التوبة تطهر من المعصية وتسقط العقوبة في الجرائم التي تمس حقاً لله، فمن تاب من جريمة من هذه الجرائم سقطت عقوبته إلا إذا رأى الجاني نفسه أن يتطهر بالعقوبة، فإنه إذا اختار أن يعاقب عوقب بالرغم من توبته (٢) .

ويترتب على هذه النظرية أن من عدل عن إتمام جريمته تائباً تسقط عنه العقوبة إذا كانت الجريمة مما يمس حقاً لله، أي حقاً من حقوق الجماعة، ما لم يطلب الجاني نفسه أن يعاقب، أما إذا كانت الجريمة تمس حقاً للأفراد فلا تسقط العقوبة.

والقاعدة العامة في القوانين الوضعية هي أن توبة الجاني لا تسقط العقوبة، وهذا يتفق مع نظرية مالك ومن معه، ولكن بعض القوانين الوضعية لا تعاقب الجاني إذا عدل مختاراً عن إتمام الجريمة، ومن هذه القوانين القانون المصري والقانون الفرنسي، وهذا يتفق مع ما يقوله بعض الفقهاء المسلمين من أن التوبة تسقط العقوبة. وبعض القوانين الوضعية لا تخلي الجاني من المسئولية عن الشروع ولو عدل عن إتمام الجريمة مختاراً كالقانون الإنجليزي والقانون الهندي.

٢٥٤ - الشروع في الجريمة المستحيلة: ليس في أقوال الفقهاء ما يشير


(١) شرح الزرقاني ج٨ ص١١٠، بدائع الصنائع ج٧ ص٩٦، أسني المطالب ج٤ ص١٥٦، المغني ج١٠ ص٣١٦.
(٢) أعلام الموقعين ج٢ ص١٩٧، ١٩٨.

<<  <  ج: ص:  >  >>