للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كانت الجريمة من جرائم التعزير فالعقوبة هي التعزير في حالة التمام وعدم التمام.

وقد بينا من قبل أن نظرية الشريعة الإسلامية في الشروع تتفق من نظرية أصحاب المذهب الشخصي في القوانين الوضعية (١) ، وهي النظرية السائدة في معظم القوانين والتي يتجه إليها معظم الشراح، ونزيد هنا أن نظرية الشريعة في الشريك المباشر قامة على نفس الأساس الذي قامت عليه نظرية الشروع، ومن ثم فهي تتفق مع ما تأخذ به معظم القوانين الوضعية الحديثة ومنها القانون المصري.

ثانياً: يعتبر مباشراً للجريمة الشريك المتسبب إذا كان المباشر آله في يده يحركه كيف يشاء، ولا خلاف بين الفقهاء على تقرير هذا المبدأ، ولكنهم يختلفون في تطبيقه، فمن يأمر شخصاً حسن النية بقتل آخر فيقتله فإن الآمر يعتبر فاعلاً مباشراً للجريمة عند مالك والشافعي وأحمد ولو أنه لم يباشر الفعل المادي؛ لأن المأمور كان أداة في يد الآمر يحركه كيف يشاء (٢) . أما أبو حنيفة فلا يعتبر الآمر مباشراً إلا إذا كان أمره إكراهاً للمأمور فإن لم يبلغ الأمر درجة الإكراه فهو شريك بالتسبب فقط وليس مباشراً ولا يأخذ حكم المباشر (٣) .

واعتبار الشريك بالتسبب مباشراً هي نظرية محل خلاف بين القوانين الوضعية وبين الشراح، فمن القوانين والشراح من يأخذ بها ومنهم من لا يأخذ بها، وكان القانون المصري يأخذ بهذه النظرية قبل سنة ١٩٠٤ حيث كان يعاقب الرئيس الآمر بالقتل والقادر على استعمال الوسائل


(١) راجع الفقرة ٢٥٠.
(٢) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٦، ٢١٨، المهذب ج٢ ص١٨٩، الشرح الكبير ج٩ ص٣٤٤، المغني ج٩ ص٣٣١.
(٣) بدائع الصنائع ج٧ ص١٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>