١٨] ، {وَأَن لَّيْسَ للإِنسَانِ إِلا مَا سَعَى}[النجم: ٣٩] ، {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاء فَعَلَيْهَا}[فصلت: ٤٦] ، {مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ}[النساء: ١٢٣] . وجاءت أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - تؤكد هذا المبدأ حيث يقول:"لا يؤخذ الرجل بجريرة أبيه ولا بجريرة أخيه"، وحيث يقول لأبي رمثة وابنه:"إنه لا يجني عليك ولا تجني عليه".
ومبدأ شخصية المسئولية الجنائية يطبق تطبيقاً دقيقاً في الشريعة الإسلامية من يوم وجودها، وليس لهذا المبدأ العام إلا استثناء واحد، وهو تحميل العاقلة الدية مع الجاني في شبه العمد والخطأ، وأساس هذا الاستثناء الوحيد هو تحقيق العدالة المطلقة، أي نفس الأساس الذي قام عليه مبدأ شخصية العقوبة؛ لأن تطبيق هذا المبدأ على دية شبه العمد والخطأ لا يمكن أن يحقق العدالة المطلقة بل أنه يؤدي إلى ظلم فاحش (١) .
ومن الفقهاء من لا يعتبر تحميل العاقلة الدية استثناء من مبدأ شخصية العقوبة حيث يرى أنه ليس في إيجاب الدية على العاقلة أخذهم بذنب الجاني، إنما الدية على القاتل. وأمر هؤلاء بالدخول معه في تحمله على وجه المواساة له من غير أن يلزمهم ذنب جنايته، وقد أوجب الله في أموال الأغنياء حقوقاً للفقراء من غير إلزامهم ذنباً لم يذنبوه، بل على وجه المواساة، وأمر بصلة الأرحام بكل وجه أمكن ذلك، وأمر ببر الوالدين، وهذه كلها أمور مندوب إليها بالمواساة وإصلاح ذات البين، فكذلك أمرت العاقلة بتحمل الدية عن قاتل الخطأ على جهة المواساة من غير إجحاف بهم وبه، وإنما يلزم كل رجل منهم ثلاثة دراهم أو أربعة مؤجلة ثلاث سنين.
فهذا مما ندبوا إليه من مكارم الأخلاق، وقد كان تحمل الديات مشهوراً في العرب قبل الإسلام، وكان ذلك مما يعد من جميل أفعالهم ومكارم أخلاقهم، وقد قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "بعثت لأتمم مكارم