للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذي قصده أصلاً مباحاً أو محرماً؛ لأن الجاني لم يقصد قتل من قتل ولا إصابة من أصيب، ولو علم بأنه يخطئ ما أقدم على الفعل (١) .

ويفرق بعض الفقهاء في مذهب مالك بين الخطأ في الشخص والخطأ في الشخصية، ويرون أن الجاني يسأل باعتباره مخطئاً في حالة الخطأ في الشخص سواء كان الفعل الذي قصده أصلاً مباحاً أو محرماً، أما في حالة الخطأ في الشخصية فيسأل الجاني باعتباره عامداً كلما كان الفعل الذي قصده أصلاً محرماً.

ورأى القائلين باعتبار الجاني عامداً إذا كان الفعل المقصود أصلاً محرماً يتفق مع رأي شراح القانون المصري، ورأى أغلب الشراح الفرنسيين، ورأى القائلين باعتبار الجاني مخطئاً في كل الأحوال يتفق مع النظرية الألمانية، أما القائلون بالتفرقة بين الخطأ في الشخص والخطأ في الشخصية فيتفق رأيهم مع ما يقول به بعض الشراح الفرنسيين (٢) .

٣٠٥ - أثر النسيان على المسئولية: النسيان هو عدم استحضار الشيء في وقت الحاجة إليه. وقد قرنت الشريعة الإسلامية النسيان بالخطأ في قوله تعالى: {رَبَّنَا لاَ تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا} [البقرة: ٢٨٦] ، وفي قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "رفع عن أمتي الخطأ والنسيان".

وقد اختلف الفقهاء في حكم النسيان، فرأى البعض أن النسيان عذر عام في العبادات والعقوبات، وأن القاعدة العامة في الشريعة أن من فعل محظوراً ناسياً فلا إثم عليه ولا عقاب، لكن الناسي إذا أعفي من المسئولية الجنائية فإنه


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٣٤، نهاية المحتاج ج٧ ص٢٣٧، الإقناع ج٤ ص١٦٨، المغني ج٩ ص٣٣٩.
(٢) شرح قانون العقوبات للدكتورين كامل مرسي والسعيد مصطفى ص٣٥٦ وما بعدها، القانون الجنائي لعلي بدوي ص٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>