للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو القطع للموت فلا شئ على الجاني إلا التعزير؛ لأن العفو عن الجرح أو القطع عفو عما تولد منه وهو القتل (١) .

ومذهب مالك هو أن الإذن بالقطع أو الجرح لا عبرة به إلا إذا استمر المجني عليه مبرئاً له بعد الجرح أو القطع، فإن لم يبرئ المجني عليه الجاني بعد الجرح أو القطع فقد وجبت العقوبة المقررة وهي القصاص أو الدية إذا امتنع القصاص لسبب شرعي، أما إذا استمر المجني عليه مبرئاً للجاني فإن العقوبة المقررة أصلاً وهي القصاص والدية تسقط ويحل محلها التعزير، هذا إذا لم يؤدي الجرح أو القطع للموت، فإذا أدى إليه اعتبر الجاني قاتلاً عمداً ووجبت عقوبة القتل العمد (٢) .

والإذن بالجرح والقطع يسقط العقوبة في مذهب الشافعي ما لم تر الجماعة عقابه تعزيراً، فإذا أدى الجرح أو القطع إلى الموت فمن فقهاء المذهب من يرى مسئولية الجاني عن القتل العمد، ولكنه يدرأ القصاص لشبهة الإذن، فتكون الدية هي العقوبة، ومن فقهاء المذهب من يرى امتناع العقاب؛ لأن الموت تولد عن فعل مأذون فيه (٣) ، والإذن يسقط العقوبة.

والإذن بالجرح والقطع عن أحمد كالإذن بالقتل مسقط للعقوبة وإن كان الإذن لا يبيح الفعل؛ لأن للمجني عليه الحق في إسقاط العقوبة، وقد أسقطها بإذنه (٤) .

٣٠٩ - أسباب الخلاف بين الفقهاء في الإذن بالقتل والجرح: أساس الاختلاف في هذه المسألة أن المجني عليه وأوليائه العفو عن العقوبة في القتل والجرح، والعقوبة أصلاً هي القصاص، فإذا امتنع لسبب شرعي حلت


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٣٦، ٢٣٧.
(٢) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٣.
(٣) نهاية المحتاج ج٧ ص٢٤٨، ٢٩٦، تحفة المحتاج ج٤ ص٣٠، ٣١.
(٤) الإقناع ج٤ ص٣٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>