للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كان لا يمنع من التعزير. ولكن الرأي المعروف عن سحنون في العتيبة (١) أنه يدرأ القصاص عن الجاني للشبهة ويوجب الدية (٢) .

وفي مذهب الشافعي رأيان: أولهما: أن الإذن في القتل يسقط عقوبتي القصاص والدية ولا يبيح الفعل. وثانيهما: أن الإذن في القتل لا يبيح الفعل ولا يسقط العقوبة، وبعض أصحاب هذا الرأي يرى في الإذن شبهة تدرأ القصاص وتوجب الدية، وبعضهم الآخر يوجب القصاص ولا يرى في الإذن شبهة (٣) .

ويرى أحمد وأصحابه أن الإذن في القتل يسقط العقوبة على الجاني؛ لأن من حق المجني عليه العفو عن العقوبة، والإذن بالقتل يساوي العفو عن عقوبة القتل (٤) . وهذا التعليل هو نفس ما يقول به أصحاب الرأي الأول في مذهب الشافعي.

٣٠٨ - الرضاء بالجرح والقطع: يرى أبو حنيفة وأصحابه أن الإذن بالقطع والجرح يترتب عليه منع العقوبة؛ لأن الأطراف عندهم يسلك مسلك الأموال، وعصمة المال تثبت حقاً لصاحبه، فكانت العقوبة على القطع والجرح محتملة السقوط بالإباحة والإذن. ولكنهم اختلفوا فيما إذا أدى الجرح أو القطع للموت، فأبو حنيفة يرى الفعل قتلاً عمداً؛ لأن الإذن كان عن الجرح أو القطع فلما مات تبين أن الفعل وقع قتلاً لا جرحاً ولا قطعاً، ومن ثم فعليه عقوبة القتل العمد، ولما كان الإذن يعتبر شبهة تدرأ القصاص فيتعين أن تكون العقوبة الدية، أما أبو يوسف ومحمد فمن رأيهما أنه إذا أدى الجرح


(١) اسم كتاب في فقه مذهب مالك.
(٢) مواهب الجليل للحطاب ج٦ ص٢٣٥، ٢٣٦، الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٣.
(٣) نهاية المحتاج ج٧ ص٤٢٨.
(٤) الإقناع ج٤ ص١٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>