الجرح فالفاعل مسئول عن القتل والعمد ولو امتنع المجني عليه عن معالجة الجرح أو أهمل في علاجه.
ثانياً: إذا كان الفعل لا يؤدي بطبيعته للجريمة وكان الدفع موثوقاً به فلم يدفع المجني عليه الفعل، ففي هذه الحالة يسأل الجاني عن الفعل فقط ولا يسأل عن النتيجة التي ترتبت عليه؛ لأن الفعل لم يحدث النتيجة ولم يكن علة لها، وإنما الذي أحدثها هو عدم الدفع من جهة المجني عليه، ومثل ذلك أن يلقي شخص بآخر في ماء قليل لا يغرق، فيبقى هذا الآخر مستلقياً في الماء حتى يدركه النوم أو حتى تتصلب أطرافه من البرد فيغرق، فمسئولية الجاني قاصرة على الإلقاء في الماء فقط ولا يسأل عن نتيجة الإلقاء في الماء وهي الموت؛ لأن الموت لم ينشأ عن إلقاء الميت في الماء وإنما كان نتيجة بقائه في الماء، على أنه يشترط أن يكون الميت قد بقى في الماء مختاراً مع قدرته على الخروج منه، فإذا حدث له شلل أو كسر أو إغماء نتيجة إلقائه في الماء فعاقه عن الخروج أو غرق نتيجة لذلك، فالإلقاء في الماء هو الذي أحدث الجريمة وهو علتها، ومن ثم يسأل عن القتل من باشر الإلقاء أو تسبب فيه.
ولا خلاف بين الفقهاء على هذا المبدأ ولكنهم يختلفون في تطبيقه، فالشافعية مثلاً يرون أن من فصد فلم يربط جرحه حتى نزف دمه ومات لا يسأل من فصده عن القتل؛ لأن الفصد لا يؤدي بطبيعته للموت ولأن الموت لو ربط محل الفصد لما نزف. والحنابلة يرون أن من أحدث الفصد مسئول عن القتل؛ لأنه أحدث الجرح الذي أدى للموت، ولأن الدفع ليس موثوقاً به (١) .
إذا كان الفعل يؤدي بطبيعته للجريمة والدفع سهل، كما لو ألقى من يحسن السباحة في ماء مغرق فلم يسبح وترك نفسه يغرق، وكما لو ألقي شخص في نار قليلة يستطيع الخروج منها فبقى فيها حتى احترق، ففي هاتين الحالتين وأمثالهما