للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القصاص لإمكان الجاني أن يعدل عن طريق المباشرة إلى طريق التسبب (١) .

ولكن أبا حنيفة لا يسوي بين عقوبة القتل العمد المباشر والقتل العمد بالتسبب (٢) مع أنه يعتبر الفعل في الحالين قتلاً عمداً، وهو يخصص عقوبة القصاص للقاتل المباشر ويدرأها عن القاتل المتسبب، وحجته في هذا أن عقوبة القتل العمد هي القصاص، ومعنى القصاص المماثلة، والقصاص في ذاته قتل بطريق المباشرة، فيجب أن يكون الفعل المقتص عنه قتل بطريق المباشرة ما دام أساس عقوبة القصاص المماثلة في الفعل، فمن حفر بئراً ليسقط فيها آخر بقصد قتله لا يقتص منه؛ لأن الحفر سبب القتل ولكنه لم يؤد إليه مباشرة، ومن شهد على آخر زوراً بأنه ارتكب جريمة عقوبتها القتل فحكم عليه بالقتل على أساس هذه الشهادة المزورة لا يقتص منه؛ لأن الشهادة وإن كانت سبب الحكم بالإعدام إلا إنها لم تؤد لإعدام المشهود عليه مباشرة (٣) .

وفي جرائم التعزير لا فرق بين عقوبة المباشر والمتسبب، فالعقوبات المقررة لهما واحدة. ولكن هذا لا يقتضي التسوية بينهما في نوع العقوبة التي توقع على كليهما ومقدار هذه العقوبة؛ لأن عقوبات التعازير غير مقدرة، وللقاضي حرية في اختيار العقوبة من بين عقوبات معينة، وتحديد مقدار العقوبة من بين حديها الأدنى والأعلى.

٣١٧ - مدى مسئولية المباشر والمتسبب إذا اجتمع سبب ومباشرة: إذا اجتمع سبب ومباشرة فلا يخرج الأمر في تحديد مسئولية المتسبب والمباشر عن حالة من ثلاث:


(١) المعني ج ٩ ص٣٣١، أسنى المطالب ج٤ ص٥ وما بعدها، مواهب الجليل ج٦ ص٢٤١.
(٢) يعتبر أبو حنيفة القتل بالتسبب قتلاً مباشراً إذا كان من باشر القتل أداة في يد المتسبب كما في حالة الإكراه.
(٣) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٣٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>