حقه وأن لا يستعمله، فإذا استعمله فلا حرج عليه، وإن تركه فلا إثم عليه، فالحق إذن هو ما يجوز فعله ولا يعاقب على تركه.
ويقابل الحق الواجب، وكلاهما يختلف عن الآخر في طبيعته، فإذا كان الحق يجوز فعله فالواجب يتحتم فعله، وإذا كان صاحب الحق لا يأثم بتركه ولا يعاقب على تركه فإن المكلف بالواجب يأثم بتركه ويعرض نفسه للعقوبة المقررة لترك الواجب.
وإذا كان الحق والواجب يختلفان في طبيعتهما، إلا أنهما يتفقان من الناحية الجنائية في أن الفعل الذي فعل أداء لواجبه أو استعمالاً لحق هو فعل مباح ولا يعتبر جريمة.
والفعل الواحد قد يعتبر حقاً لشخص بعينه وواجباً على شخص آخر، فالقتل قصاصاً هو حق لولي الدم إذا باشره، ولكن الفعل نفسه واجب على الجلاد إذا تركت مباشرته له، والتأديب في مذهب أبي حنيفة هو حق للزوج والأب ولكنه واجب على المدرس والمعلم.
وللتفرقة بين الحق والواجب أهمية من وجهين: أولهما: وهو متفق عليه من الفقهاء: أن الحق لا يمكن العقاب على تركه وأن الواجب يمكن عقاب تاركه. وثانيهما، وهو مختلف عليه بين الفقهاء: أن الحق يتقيد بشرط السلامة وأن الواجب لا يتقيد بشرط السلامة؛ أي أن من باشر حقاً مسئول دائماً عن سلامة المحل الذي باشر عليه الحق؛ لأنه مخير بين أن يأتي الفعل أو يتركه، أما من كان عليه واجب فلا يسأل عن سلامة محل واجبه؛ لأنه ملزم بتأدية الواجب وليس له أن يتخلى عنه، وهذا هو رأي أبي حنيفة والشافعي، أما مالك وأحمد فعندهما أن الحق كالواجب غير غير مقيد بشرط السلامة؛ لأن استعمال الحق في حدوده المقررة عمل مباح ولا مسئولية على مباح.
ولمعرفة ما إذا كان الفعل حقاً أو واجباً بالنسبة لشخص معين ننظر هل يتحتم