والنهي عن المنكر قد يكون قولاً محضاً كالنهي عن شرب الخمر، وقد يكون عملاً محضاً كإراقة الخمر أو منع شاربها بالقوة من شربها. وإذا كان النهي عن المنكر قولاً فهو النهي عن المنكر، وإذا كان عملاً فهو تغيير المنكر.
فالأمر بالمعروف إذن هو الترغيب فيما ينبغي عمله أو قوله طبقاً للشريعة، والنهي عن المنكر هو الترغيب في ترك ما ينبغي تركه طبقاً للشريعة (١) .
٣٤٢ - التكييف الشرعي للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: من المتفق عليه بين الفقهاء أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس حقاً للأفراد يأتونه إن شاءوا ويتركونه إذا شاءوا، وليس مندوباً إليه يحسن بالأفراد إتيانه وعدم تركه، وإنما هو واجب على الأفراد ليس لهم أن يتخلوا عن أدائه، وفرض لا محيض لهم من القيام بأعبائه، وقد أوجبت الشريعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر لتقوم الجماعة على الخير، وينشأ الأفراد على الفضائل، وتقل المعاصي والجرائم، فالحكومة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، والجماعات تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، والأفراد يأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر، وبذلك يستقر أمر الخير والمعروف بين الجماعة، ويقضي على المنكر والفساد بتعاون الصغير والكبير والحاكم والمحكوم.
والفقهاء، وإن كانوا قد اتفقوا على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إلا أنهم اختلفوا في تحديد هذا الواجب من وجهين: الوجه الأول: في صفة الواجب، والوجه الثاني: فيمن يلزمهم هذا الواجب.
الاختلاف في صفة الواجب: انقسم الفقهاء فريقين في تحديد صفة الوجوب، فقال البعض: إن الواجب فرض عين؛ أي واجب محتم، وعلى كل مسلم