للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الخمر والحشيش، وليس لإنسان أن يتحسس ملابس شخص ليعرف ما يخفيه تحتها، ولا ليدخل بيته ليعرف أي شيء يخفيه فيه، بل ليس له أن يستخبر من جيرانه ليخبروه بما يجري في داره (١) .

لكن إذا غلب على الظن استسرار شخص بالمعاصي لأمارات دلت على ذلك أو لخبر يغلب على الظن صدقه كشم رائحة الحشيش خارجة من مسكن شخص، أو سماع صوت عيار أو استغاثة، أو أن يخبره من يثق بصدقه أن رجلاً خلا بامرأة ليزني بها أو برجل ليقتله، فيجوز في مثل هذه الحالات التجسس والبحث والتفتيش، حذراً من فوات ما لا يستدرك من انتهاك المحارم وارتكاب المحظورات (٢) .

والأصل أن من أغلق باب داره وتستر بحيطانه فلا يجوز الدخول عليه بغير إذنه لتعرف المعصية والبحث عنها، لكن إذا اخبر ابتداء - من غير استخبار - شخصان أو شخص واحد على رأى (٣) بأن فلاناً يرتكب المعاصي في بيته جاز دخول البيت دون إذن، كذلك يجوز الدخول دون إذن إذا ظهرت المعصية في الدار ظهوراً يعرفه من الخارج كظهور رائحة الخمر وأصوات السكارى (٤) .

ودلالة الشكل كدلالة الرائحة والصوت، وما ظهرت دلالته فهو غير مستور بل هو مكشوف، وقد أمرنا بأن نستر ما ستر الله وننكر على من أبدى لنا صفحته، حيث يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "من أتي شيئاً من هذه القاذورات فليستتر بستر الله، فإنه من يبد لنا صفحته نقم حد الله عليه"، والإبداء - أي إبداء الصفحة - له درجات؛ فتارة يبدو لنا بحاسة السمع، وتارة بحاسة الشم، وتارة بحاسة


(١) إحياء علوم الدين المجلد الثاني ج٥ ص٣٤.
(٢) الأحكام السلطانيةص٢١٨.
(٣) أسنى المطالب ج٤ ص١٨٠، الأحكام السلطانية ص٢١٨.
(٤) إحياء علوم الدين المجلد الثاني ج٥ ص٣٦، ٣٧، ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>