للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منكرا إذا غلب علي الظن أنه يؤدي إلى ترك المنكر، كصاحب الغيبة الذي يعلم أنها محرمة ولكن يرجى أن يتركها لو وعظ ونصح، وينبغي أن يكون الناهي شفيقاً لطيفاً بعيداً عن العنف والغضب.

التعنيف: ويكون عند العجز عن المنع باللطف، ويوجه إلى المصر المستهزئ بالوعظ والنصح ويشترط في العنف شرطان:

أحدهما: أن لا يقدم عليه إلا عند الضرورة والعجز عن اللطف.

والثاني: أن لا ينطق إلا بالصدق ولا يسترسل في التعنيف فيطلق لسانه بما لا يحتاج إليه، بل يقتصر على قدر الحاجة، وليس للمعنف أن يسب فاعل المنكر بما فيه كذب ولا أن يقذفه، وإنما يصح أن يخاطبه بما فيه مما لا يعد فحشاً، كقوله: يا فاسق، يا جاهل، يا أحمق، يا غبي، وما يجري هذا المجرى؛ لأن كل عاص فاسق والفاسق أحمق جاهل ولولا حمقه وجهله ما عصى الله، وكل من ليس بكيس فهو أحمق؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "الكيس من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والأحمق من أتبع نفسه هواها وتمنى على الله".

التغيير باليد: والمقصود بالتغيير هو ذات المنكر؛ ككسر الملاهي، وإراقة الخمر، وخلع الحرير من رأس العاصي وعن بدنه، وإخراجه من الدار المغصوبة، وإزالة مايضعه من المواد في الطريق العام فيسده أو يضيقه، إلى غير ذلك.

والتغيير لا يكون إلا في المعاصي التي تقبل بطبيعتها التغيير المادي، أما معاصي اللسان والقلب فليس في الاستطاعة تغييرها مادياً، وكذلك كل معصية تقتصر على نفس العاصي وجوارحه الباطنة.

ويشترط في التغيير باليد أن لا يباشر دافع المنكر التغيير بيده طالما استطاع أن يحمل فاعل المنكر على التغيير، فليس له أن يجر الغاصب من الدار المغصوبة إذا كان يستطيع تكليفه الخروج منها ماشياً، وليس له أن يريق الخمر بنفسه إذا استطاع أن يكلف شاربها أو محرزها بإراقتها.

<<  <  ج: ص:  >  >>