ويشترط في التغيير أيضاً أن يقتصر فيه على القدر المحتاج إليه، فليس لدافع المنكر أن يأخذ بلحية الغاصب أو رجله ليخرجه من الدار المغصوبة ما دام يستطيع أن يجذبه أو يجره إلى خارجها من يده، وليس له أن يحرق أدوات الملاهي ما دام يستطيع أن يكسرها ويعطلها عن العمل، وحد الكسر أن تتكلف من النفقات في إصلاحها ما يساوي ثمن مثلها. وليس له أن يكسر أواني الخمر إذا استطاع أن يريق الخمر دون كسر الأواني.
والأصل فيما سبق أن تغيير المنكر لا يقصد به إلا دفع المنكر ولا يقصد منه عقوبة فاعل المنكر ولا زجر غيره، والزجر إنما يكون عن المستقبل والعقوبة تكون على الماضي، والدفع على الحاضر الراهن، وليس إلى آحاد الرعية إلا الدفع وهو إعدام المنكر وإزالته، فما زاد على قدر الإعدام فهو إما عقوبة على جريمة سابقة أو زجر عن لاحق، وذلك إلى السلطات العامة وليس للأفراد.
التهديد بالضرب والقتل: وينبغي أن يسبق الضرب كلما أمكن تقديمه عليه، ويشترط في التهديد أن لا يهدد الدافع بوعيد لا يجوز له تحقيقه كقوله: لأنهبن دارك، أو لأضربن ولدك، أو لأسبين زوجتك، بل ذلك إن قاله عن عزم فهو حرام، وإن قاله عن غير عزم فهو كذب، وإنما يجوز له أن يهدد بما يجوز له تحقيقه في سبيل دفع المنكر كقوله: لأجلدنك، لأكسرن رأسك، لأضربن رقبتك، وما أشبه، وله أن يتوعده بأكثر مما في عزمه الباطن إذا علم أن ذلك يردعه عن المنكر.
الضرب والقتل: ويجوز عند الضرورة أن يباشر دافع المنكر ضرب فاعل المنكر لكفه عنه، ويشترط أن لا يندفع المنكر بغير الضرب، وأن لا يزيد الضرب عن الحاجة في الدفع، فإذا اندفع المنكر بصفعة أو ضربة فليس للدافع أن يصفع أو يضرب مرة أخرى.
وإذا لم يندفع المنكر إلا بالجرح وإشهار السلاح فللدافع أن يشهر السلاح