والنهي بالموعظة والنصح، أما التغيير باليد فالرأي الراجح أنه غير جائز؛ لأنه يفضي إلى خرق هيبته وإسقاط حرمته وذلك محظور؛ لقوله عليه الصلاة والسلام:"من كانت عنده نصيحة لذي سلطان فلا يكلمه بها علانية، وليأخذ بيده فليخل به، فإن قبلها قبلها، وإلا كان قد أدى الذي عليه والذي له"، ولقوله أيضاً:"من أهان سلطان الله في الأرض أهانه الله في الأرض".
٣٤٧ - حكم التجاوز في دفع المنكر: إذا استعمل المدافع في النهي عن المنكر أو تغييره وسيلة تزيد عما يقتضيه الحال فهو مسئول عن هذه الزيادة، وكذلك إذا تعدى الحدود المقررة لوسيلة من الوسائل، فإذا عنف فاعل منكر فقذفه فهو مسئول عن القذف؛ لأن القذف لا يدخل في التعنيف، وإذا كان المنكر يندفع بالتعنيف أو التهديد فضرب فاعل المنكر أو جرحه فهو مسئول عن الضرب والجرح، وإذا اندفع المنكر بضربة واحدة أو جرح واحد فضربة ضربة ثانية أو جرحه جرحاً ثانياً فهو مسئول عما فعل بعد اندفاع المنكر.
وإذا كان المنكر يندفع بتغييره باليد فليس له أن يتعدى الحدود المقررة للتغيير، فإذا كان المنكر شرب الخمر أو إحرازها فإن تغيير المنكر يكفي فيه إراقة الخمر، فإذا أتلف الموائد المنصوبة في محل الخمار أو الأبواب أو الأمتعة أو أحرقها فهو مسئول عن ذلك.
ولا محل للنهي عن المنكر أو تغييره قبل مباشرة المنكر أو بعد مباشرته؛ لأن مباشرة المنكر هي التي تحل النهي عنه أو تغييره دفعاً للمنكر، فإذا لم يقع المنكر فلا يمكن اعتبار ما يقع على قاصد فعل المنكر دفعاً وإنما هو اعتداء، وإذا انتهى فاعل المنكر من فعله فما يقع عليه من أفعال أو ما يوجه إليه من أقوال بسبب فعل المنكر لا يعتبر دفعاً للمنكر وإنما اعتداء على فاعله.
والأصل أن ما يدفع به المنكر مباح ولا يعتبر جريمة ما دام لم يتعد الحدود المقررة لدفع المنكر، لكن إذا تعدت أفعال دفع المنكر إلى الغير وأصابته خطأ اعتبر الفعل بالنسبة للغير خطأ ولو أنه صدر من فاعله متعمداً إياه؛ لأن الفعل المباح ضد فاعل المنكر محرم ضد غيره، فالتعمد لا عبرة به؛ لأنه تعمد فعل