للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإمام؛ لأنه إذا جاز للأفراد استعمال الوسائل الأخرى فقد جاز لهم أن يستعملوا الوسيلة الأخيرة؛ لأنه ما من وسيلة غيرها إلا وقد يؤدي استعمالها إلى التضارب، والتضارب يدعو بالطبيعة إلى التعاون، فلا ينبغي إذن أن يبالي بلوازم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وإذا كان انتهاء الأمر إلى الفتنة من النوادر والنادر لا حكم له فإنه يضاف إلى ذلك أنه ليس في الشريعة ما يمنع من القول بأن كل من قدر على دفع منكر فعليه أن يدفعه بيده وسلاحه وبنفسه وأعوانه.

٣٤٦ - هل يجوز استعمال الوسائل السابقة في حق الكافة؟: يجوز استعمال الوسائل التي سلف ذكرها في حق الكافة عدا الوالدين والزوج والحاكم.

فأما الوالدين فليس للولد عليهما إلا التعريف ثم النهي بالوعظ والنصح، وليس له أن يعنفهما أو يهددهما أو يضربهما، ولكن له على رأي أن يغير ما يأتيان من المنكر بحيث لا يمس شخصيهما، كأن يريق خمرهما أو يرد ما يجد في بيتهما من مال مغصوب أو مسروق لأصحابه. وعلة استثناء الأبوين من الحكم العام أن الله تعالى نهى عن التأفف منهما وإيذائهما فقال: {فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا} [الإسراء: ٢٣] ، وقد ورد في حق الأبوين ما يوجب الاستثناء من العموم إذ لا خلاف في أن الأب لا يقاد بولده، وأن الجلاد ليس له أن يقتل أباه في الزنا حداً وليس له أن يباشر إقامة الحد عليه، فإذا لم يجز للابن إيذاء الأب بعقوبة هي حق على جناية سابقة فلا يجوز إيذاءه بما هو منع عن جناية مستقبلة متوقعة.

وأما الزوجة فحكمها مع الزوج حكم الولد مع أبويه لقول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لو جاز السجود لمخلوق لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها"، وهذا يقتضي منع المرأة من إيذاء الزوج.

وأما الرعية مع الحاكم أو السلطان أو الإمام فليس للرعية عليه إلا التعريف

<<  <  ج: ص:  >  >>