فإنه لا يندفع بفعل ما أكره عليه، ولا يخشى منه شيئاً بعد وقوعه، إنما الخشية والخوف مما يهدد به، فإذا وقع الفعل المهدد به انتهت الخشية وذهب الخوف، فالذي يندفع إذن بإتيان الفعل المكره عليه هو ما يتوعد به من العقوبة أو التعذيب وليس ما وقع فعلاً (١) .
وعلى هذا فالإكراه يصح أن يكون مادياً، ويصح أن يكون معنوياً، الإكراه المادي هو ما كان التهديد والوعيد فيه واقعاً، أما الإكراه المعنوي فهو ما كان الوعيد والتهديد فيه منتظر الوقوع.
٣٩١ - شروط الإكراه: يشترط لوجود الإكراه توفر الشروط الآتية، فإن لم تتوفر فلا يعتبر الإكراه قائماً ولا يعتبر الفاعل مكرهاً:
أولاً: أن يكون ملجئاً - أي مما يستضر به ضرراً كبيراً - بحيث يعد الرضاء كالقتل والضرب الشديد والقيد والحبس الطويلين. وتقدير الوعيد الذي يستضر به مسألة موضوعية تختلف باختلاف الأشخاص والأسباب المكره عليها، فقد يكون الشيء إكراهاً في حق شخص دون آخر وفي سبب دون آخر، فبعض الأشخاص قد لا يتضرر من الضرب عدة أسواط والبعض قد يتضرر من ضربة سوط واحدة، والبعض قد يرحب بمكثه في السجن أمداً طويلاً، والبعض قد يضار ببقائه في السجن ليلة واحدة، والتهديد بالضرب والحبس والقتل لا يعتبر إكراهاً في جريمة القتل، ولكنه يعتبر إكراهاً في جريمة الشرب أو السرقة، والضرب اليسير في حق من يبالي به ليس إكراهاً، ولكنه يعتبر إكراهاً في حق ذوي المروءات إن وقع على وجه يكون إخراقاً بصاحبه وعضالة وشهرة في حقه.