للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يسير يرجع فيه إلى الشخص نفسه ومقدار ثروته، فقد يكون المال يسيراً بالنسبة لشخص وغير يسير بالنسبة لشخص آخر (١) .

والأصل في مذهب أبي حنيفة أن الوعيد بإتلاف المال ليس إكراهاً ولو كان إتلاف المال يلحق ضرراً جسيماً بصاحبه؛ لأن محل الإكراه الأشخاص لا الأموال، ولكن بعض فقهاء الحنفية يرى الوعيد بإتلاف المال إكراهاً، وأصحاب هذا الرأي يختلفون فيما بينهم فيشترط بعضهم أن يكون الوعيد بإتلاف كل المال ليكون إكراهاً، والبعض لا يشترط إتلاف كل المال ويكفي عندهم لاعتبار الإكراه قائماً أن يكون الوعيد بإتلاف جزء من المال يستضر بإتلافه ضرراً كبيراً (٢) .

ويجب أن يكون الوعيد بفعل محذور أي غير مشروع، فإن كان الفعل المهدد به مشروعاً فلا يعتبر الفاعل مكروهاً، فمن كان محكوماً عليه بالجلد أو الحبس وهدد بتنفيذ العقوبة عليه إن لم يرتكب جريمة فارتكبها فعليه عقوبتها ولا يعتبر أنه كان في حالة إكراه؛ لأن الفعل الذي هدد به مشروع فلا يعتبر أن التهديد هو الذي حمله على الفعل بل يعتبر أنه قد أتى الفعل بمحض إرادته (٣) .

ثانياً: أن يكون الوعيد بأمر حال (٤) يوشك أن يقع إن لم يستجب المكره فإن كان الوعيد بأمر غير حال فليس ثمة إكراه، لأن المكره لديه من الوقت ما يسمح له بحماية نفسه ولأنه ليس في الوعيد غير الحال ما يحمله على المسارعة بارتكاب الفعل، ويرجع في تقدير ما إذا كان الوعيد حالاً أو غير حال إلى ظروف المكره وإلى ظنه الغالب المبني على أسباب معقولة.


(١) مواهب الجليل ج٤ ص٤٥، أسنى المطالب ج٣ ص٢٨٢، الإقناع ج٤ ص٤، المغني ج٨ ص٢٦١.
(٢) البحر الرائق ج٨ ص٨٢.
(٣) حاشية ابن عابدين ج٥ ص١٢٠، أسنى المطالب ج٣ ص٢٨٢، المغني ج٨ ص٢٦٠.
(٤) حاشية ابن عابدين ج٥ ص١٠٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>