الفعل فيظل الفعل محرماً على أصله، ولكن الفاعل لا يعاقب لعدم التكليف؛ أي لانعدام الاختيار (١) .
مسئولية المكره المدنية عن هذه الجرائم: والأصل أن الإنسان لا يسأل جنائياً ولا مدنياً عن فعل مباح، والإكراه في هذا النوع من الجرائم يحل الفعل، ومن ثم فلا يسأل الفاعل مدنياً عن الجريمة في ذاتها، وإنما يسأل عن كل فعل آخر صحبها إذا ألحق هذا الفعل ضرراً بالغير، فلحم الخنزير مثلاً محرم أصلاً ولكن الإكراه يبيح للإنسان أن يتناول هذا اللحم، ولا يعتبر تناوله جريمة ولا مسئولية على الآكل من الوجهة المدنية إذا اشترى اللحم، أما إذا غصبه أو سرقه ممن يملكه فإنه يسأل مدنياً قبل المالك بقيمة ما غصب أو سرق. والواقع أن المسئولية المدنية هنا ليست عن أكل اللحم وإنما هي عن الغصب أو السرقة فكلاهما جريمة لا يعاقب عليها للإكراه، والإعفاء من العقاب لا يمنع من المسئولية المدنية عن هاتين الجريمتين.
٣٩٥ - بين الشريعة والقانون: وتختلف الشريعة عن القوانين الوضعية في أنها تجعل الإكراه مبيحاً لبعض الأفعال المحرمة، بينما القاعدة في القوانين الوضعية أن الإكراه لا يبيح الفعل وإنما يرفع العقوبة فقط، والواقع أن الأفعال التي يبيحها الإكراه في الشريعة محدودة وقد حرمت هذه الأفعال أصلاً، لأن في إتيانها ضرراً بمن يأتيها، فشرب الخمر وأكل الميتة ولحم الخنزير محرمة؛ لأنها تضر بصحة الشارب والآكل قبل كل شيء، فهي أفعال محرمة لمصلحة الفاعل لا لمصلحة الغير، فكان من العدل أن تباح إذا أدى تحريمها لإلحاق ضرر أكبر بالفاعل، أو بتعبير آخر إذا انتفت حكمة التحريم، أما ما عدا ذلك من الأفعال فأساس التحريم فيها مصلحة الغير، وسواء أكره الشخص على إتيانه أو أتاه مختاراً فإن