المكره إلى إتيان الفعل شخص آخر يأمر المكره بإتيان الفعل ويجبره على إتيانه، أما في حالة الضرورة فلا يدفع الفاعل إلى إتيان الفعل أحد، إنما يوجد الفاعل في ظروف يقتضيه الخروج منها أن يرتكب الفعل المحرم؛ لينجي نفسه أو غيره من الهلكة، كمن يركب مع آخرين قارباً مملوءاً بالأمتعة يكاد يغرق لثقل حمولته فإن نجاة الركاب تقتضي تخفيف حمولة القارب وإلقاء بعض الأمتعة التي تثقله في الماء.
ومن أمثلة على حالة الضرورة الجوع الشديد والعطش الشديد، فإن الجائع أو العطشان إذا لم يجد ما يأكله أو يشربه من طريق مباح هلك، وقد يندفع الجائع أو العطشان تحت تأثير الجوع والعطش إلى سرقة ما يسد رمقه أو يطفئ عطشه كما قد يندفع إلى تناول طعام أو شراب محرم، ومثل ذلك يقال عمن كاد يهلك من البرد إذا أشعل ناراً في حطب آخر ليستدفئ أو أشعلها له غيره. ففي كل هذه الأحوال يوجد نفس الفاعل أو يوجد غيره في حالة أو في ظروف مهلكة فيندفع الفاعل إلى إتيان فعل محرم لإنجاء نفسه أو لإنجاء غيره من الهلكة.
٤٠٠ - شروط حالة الضرورة: يشترط لوجود حالة الضرورة أربعة شروط:
١ - أن تكون الضرورة ملجئة بحيث يجد الفاعل نفسه أو غيره في حالة يخشى منها تلف النفس أو الأعضاء.
٢ - أن تكون الضرورة قائمة لا منتظرة، فليس للجائع أن يأكل الميتة قبل أن يجوع جوعاً يخشى منه.
٣ - أن لا يكون لدفع الضرورة وسيلة إلا ارتكاب الجريمة، فإذا أمكن دفع الضرورة بفعل مباح امتنع دفعها بفعل محرم، فالجائع الذي يستطيع شراء الطعام ليس له أن يحتج بحالة الضرورة إذا سرق طعاماً.
٤ - أن تدفع الضرورة بالقدر اللازم لدفعها، فليس للجائع أن يأخذ من طعام غيره إلا ما يرد جوعه.