للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤٠١ - حكم حالة الضرورة: يختلف حكم حالة الضرورة باختلاف الجريمة، فهناك جرائم لا تؤثر عليها الضرورة، وجرائم تبيحها الضرورة وجرائم ترتفع فيها العقوبة للضرورة.

٤٠٢ - الجرائم التي لا تؤثر عليها الضرورة: ليس للضرورة أثر على جرائم القتل والجرح والقطع، فليس للمضطر بأي حال أن يقتل غيره أو يقطعه أو يجرحه لينجي نفسه من الهلكة، فإذا كان جماعة في قارب مشرف على الغرق لثقل حمولته فليس لأحدهم أن يلقي غيره في الماء ليخفف حمولة القارب ولينجي نفسه وغيره من الهلكة، ولا يعفيه هذا إذا فعله من العقاب.

ومن المتفق عليه أن الشخص الذي يحرم قتله أو جرحه أو قطعه هو الشخص المعصوم، أما المهدر فقتله مباح بل هو واجب في أكثر الأحوال.

ويحرم مالك أكل لحم الإنسان في حالة الضرورة ولو كان مهدراً، فمن جاع حتى أوشك أن يهلك ولم يجد إلا مهدراً فليس له أن يأكل من لحمه ما يرد جوعه سواء كان المهدر حياً أو ميتاً، وهذا هو الرأي الراجح في مذهب أبي حنيفة (١) .

ويجيز الشافعي وأحمد أكل لحم المهدر في حالة الضرورة سواء كان المهدر حياً أو ميتاً، ويوافقهما في هذا بعض الحنفية بل يبيح الشافعي وبعض الحنفية أكل لحم الميت المعصوم في حالة الضرورة؛ لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت، أما أحمد فيحرم أكل لحم المعصوم الميت (٢) .

ويبيح الشافعي للمضطر أن يقطع من جسمه فلذة ليأكلها في حالة الضرورة إذا ظن السلامة مع القطع (٣) . ويخالفه في هذا بقية الفقهاء.

وليس للمضطر أن يأخذ من مضطر مثله ما يقيم حياته؛ لأنه أحق به حيث


(١) مواهب الجليل ج٣ ص٢٣٣، حاشية ابن عابدين ج٥ ص٢٩٦.
(٢) المغني ج١١ ص٧٩، أسنى المطالب ج١ ص٥٧١.
(٣) أسنى المطالب ج١ ص٥٧١.

<<  <  ج: ص:  >  >>