للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يساويه في الضرورة وينفرد في الملك، فإن أخذه منه فمات فهو مسئول عن موته ويعتبر قاتلاً له بغير حق (١) .

وللمضطر أن يأخذ ما يقيم حياته من غيره إذا لم يكن في حاجة إليه، وإن احتاج الأمر إلى قتال قاتله عليه، فإن قُتِل المضطر فقاتله مسئول جنائياً عن قتله ولا يعتبر في حالة دفاع، وإن قتله المضطر فهو هدر؛ لأنه ظالم بقتاله المضطر فأشبه الصائل. وليس للمضطر أن يقاتل على شئ كلما استطاع أن يأخذه بشراء أو استرضاء مهما تغالى صاحب الشيء في الثمن؛ لأن المضطر لا يلزمه شرعاً إلا ثمن المثل (٢) ، وهذا هو رأي مالك والشافعي وأحمد، ولا يختلف عن رأي أبي حنيفة إلا في أنه يبيح للمضطر أن يقاتل الممتنع باليد لا بالسلاح (٣) .

٤٠٣ - الجرائم التي تبيحها الضرورة: تباح الجريمة للضرورة إذا كانت الشريعة تنص على إباحتها في حالة الضرورة، وهذا النوع من الجرائم خاص بالمطاعم والمشارب كأكل الميتة ولحم الخنزير وشرب الدم والنجاسات، فهذه الجرائم وأمثالها يباح إتيانها في حالة الاضطرار باتفاق، وبشرط أن يقتصر الفعل المحرم على القدر الذي يسد الضرورة، فمن اضطره الجوع إلى أكل الميتة فله أن يأكل منها بقدر ما يسد رمقه ويأمن معه من الموت على رأي، أو بقدر ما يشبعه على رأي آخر، ولكن ليس له أن يزيد على ما يشبعه إلا إذا كانت الضرورة مستمرة كما لو كان منقطعاً في صحراء (٤) .


(١) المغني ج١١ ص٨٠، مواهب الجليل ج٦ ص٢٤٠.
(٢) المغني ج١١ ص٨٠، أسنى المطالب ج١ ص٥٧٢، مواهب الجليل ج٣ ص٢٣٤.
(٣) حاشية ابن عابدين ج٥ ص٢٩٦.
(٤) أحكام القرآن للجصاص ج١ ص١٣٠، أسنى المطالب ج١ ص٥٧٠، المغني ج١١ ص٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>