للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

آخر داخل حدود دار الإسلام على أن لا تقل المسافة بين البلدين عن مسافة القصر.

ويرى مالك أن يسجن الزاني في البلدة التي يغرب إليها (١) , ويرى الشافعي أن يراقب في البلدة التي يغرب إليها ولا يحبس إلا إذا خيف هربه ورجوعه إلى بلدته فيحبس (٢) , ويرى أحمد أن لا يحبس المغرب (٣) .

والتغريب يعتبر عقوبة تكميلية بالنسبة لعقوبة الجلد، وله في نظرنا علتان:

الأولى: التمهيد لنسيان الجريمة بأسرع ما يمكن, وهذا يقتضي إبعاد المجرم عم مسرح الجريمة, أما بقاؤه بين ظهراني الجماعة فإنه يحيي ذكرى الجريمة ويحول دون نسيانها بسهولة.

الثانية: أن إبعاد المجرم عن مسرح الجريمة يجنبه مضايقات كثيرة لابد أن يلقاها إذا لم يبعد، وقد تصل هذه المضايقان إلى حد قطع الرزق وقد لا تزيد على حد المهانة والتحقير، فالإبعاد يهيئ للجاني أن يحيا من جديد حياة كريمة.

وظاهر مما سبق أن التغريب وإن كان عقوبة إلا أنه شرع لمصلحة الجاني أولاً ولصالح الجماعة ثانياً، والمشاهد حتى في عصرنا الحالي الذي انعدم فيه الحياء أن كثيرين ممن تصيبهم معرة الزنا يهجرون موطن الجريمة مختارين لينأوا بأنفسهم عن الذلة والمهانة التي تصيبهم في هذا المكان.

٤٥٣ - عقوبة الرجم: الرجم عقوبة الزاني المحصن رجلاً كان أو امرأة، ومعنى الرجم القتل رمياً بالحجارة. ولم يرد في القرآن شئ عن الرجم، ولذلك أنكر الخوارج عقوية الرجم، ومذهبهم يقوم على جلد المحصن وغير المحصن والتسوية بينهما في العقوبة، وفيما عدا الخوارج فالإجماع منعقد على إقرار عقوبة


(١) شرح الزرقاني ج٨ ص٨٣.
(٢) أسنى المطالب ج٤ ص١٣٠.
(٣) المغني ج١٠ ص١٣٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>