للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشريعة, فالحكومة تستطيع أن تفرض ضريبة عامة تخصص دخلها لهذا النوع من التعويض, وتستطيع أن تخصص الغرامات التي يحكم بها على المتقاضين لهذا الغرض, وإذا كانت الحكومات العصرية تلزم نفسها بإعالة الفقراء والعاطلين فأولى أن تلزم نفسها بتعويض المجني عليهم وورثتهم المنكوبين.

ولقد أخذت بعض الدول الأوروبية بهذه الفكرة كألمانيا وإيطاليا ويوغسلافيا، فأنشأت خزانة خاصة تسمى خزانة الغرامات, إيرادها المبالغ المتحصلة من الغرامات التي تحكم بها المحاكم, وخصص إيراد هذه الخزانة لتعويض المجني عليهم في الجرائم بشرط أن تكون أموال الجاني لا تكفي للتعويض (١) .

وهذا الذي أخذت به بعض البلاد الأوروبية هو جزء من نظام العاقلة أخذت به هذه البلاد لتحقق بعض الأغراض التي ترمي الشريعة لتحقيقها, وإذا كان نظام العاقلة يقوم على هذا الوجه في البلاد الأوروبية فأولى بنا وهو نظامنا الأصيل أن نقيمه بيننا على الوجه الذي يحقق أغراض الشريعة ويلائم ظروفنا.

٤٧٣ - (ثالثاً) : الكفارة: الأصل في الكفارة قوله تعالى: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ} [النساء: ٩٢] .

والكفارة عقوبة أصلية وهي عتق رقبة مؤمنة, فمن لم يجدها أو يجد قيمتها يتصدق بها فعليه صيام شهرين متتابعين, فالصوم عقوبة بدلية لا تكون إلا إذا امتنع تنفيذ العقوبة الأصلية.

وظاهر النص أن الكفارة شرعت في القتل الخطأ, ومن المتفق عليه أنها واجبة


(١) الموسوعة الجنائية ج٥ ص١٢٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>