للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف أصحاب الشافعي، فمنهم من فرق بين القتل المضمون وبين القتل غير المضمون، ورأى الحرمان من الميراث إذا كان القتل مضموناً؛ لأنه قتل بغير حق, أما القتل غير المضمون فلا يمنع من الميراث؛ لأنه قتل بحق. ومنهم من قال: إن كان متهماً باستعجال الميراث حرم من الميراث, كما في القتل الخطأ، وكما لو حكم على مورثه في جريمة الزنا على أساس البينة فإنه يحرم؛ لأنه متهم في قتله باستعجال الميراث, وإن لم يكن متهماً باستعجال الميراث فلا حرمان، كما لو حكم عليه في الزنا بإقراره.

والرأي الراجح في المذهب غير هذين، وهو أن القاتل يحرم الإرث في كل حال سواء كان القتل عمداً أو شبه عمد أو خطأ، وسواء كان مباشرة أو تسبباً، وسواء كان القتل بحق أو بغير حق، وسواء كان القاتل بالغاً عاقلاً أو صغيراً أو مجنوناً. وأصحاب هذا الرأي يرون أن الحرمان من الميراث قصد به سد الذرائع ومنع الوارث من استعجال الميراث (١) .

ويرى أحمد أن القتل المضمون هو القتل المانع من الإرث، أما غير المضمون فلا يمنع الميراث؛ كالقتل دفاعاً عن النفس والقتل قصاصاً. ويعللون حرمان الصبي والمجنون من الميراث في مذهب أحمد بأن ما فعله القصاص لقصور الأهلية لا يمنع من حرمان الجاني من الميراث, بل إن الاحتياط يقتضي المنع من الميراث صوناً للدماء (٢) .

٤٧٥ - الحرمان من الوصية: الحرمان من الوصية عقوبة تبعية, والأصل فيها قول الرسول - صلى الله عليه وسلم -: "لا وصية لقاتل"، وقوله: "ليس لقاتل شيء"، وذكر الشيء نكرة في محل النفي يعم الميراث والوصية جميعاً.


(١) المهذب ج٢ ص٢٦.
(٢) الإقناع ج٣ ص١٢٣، مجلة القانون والاقتصاد س٦ ص٥٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>