ويرى الشافعي وأحمد أن للمجني عليه إذا ذهب محل القصاص أن يأخذ الدية أياً كان سبب ذهاب محل القصاص, لأن موجب العمد عندهما أحد شيئين غير عين القصاص والدية, فإذا ذهب محل القصاص تعينت الدية موجباً.
٥٣٠ - توبة الجاني: من المتفق عليه في الشريعة أن التوبة تسقط عقوبة جريمة الحرابة المقررة جزاء على الأفعال التي تمس حقوق الجماعة, وذلك لقوله جل شأنه:{إِلاَّ الَّذِينَ تَابُواْ مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُواْ عَلَيْهِمْ فَاعْلَمُواْ أَنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}[المائدة: ٣٤] , فالمحارب إذا تاب قبل القدرة عليه سقطت عنه العقوبات المقرة على الأفعال الماسة بحقوق الجماعة, أما العقوبات المقررة على الأفعال الماسة بحقوق الأفراد فلا تسقطها التوبة.
وإذا كان الفقهاء قد اتفقوا على أن التوبة تسقط العقوبة المقررة لجريمة الحرابة إذا حدثت التوبة قبل القدرة على المحارب فإنهم قد اختلفوا في أثر التوبة على ما عدا هذه الجريمة, ولهم في ذلك ثلاث نظريات ذكرناها بمناسبة الكلام على العدول عن الجريمة فلا داعي لتكرارها هنا (١) .
٥٣١ - الصلح: الصلح سبب من أسباب سقوط العقوبة, ولكنه لا يسقط إلا القصاص والدية أما ما عداهما فلا أثر للصلح عليها.
ولا خلاف بين الفقهاء في أن القصاص يسقط بالصلح, ويصح أن يكون الصلح عن القصاص بأكثر من الدية وبقدرها وبأقل منها.
والأصل في الصلح السنة والإجماع. فقد روى عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "من قتل عمداً دفع إلى أولياء