للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المقتول فإن شاءوا قتلوا وإن شاءوا أخذوا الدية, وما صولحوا عليه فهو لهم", وفي عهد معاوية قتل هدبة بن خشرم قتيلاً فبذل سعيد بن العاص والحسن والحسين لابن المقتول سبع ديات ليعفو عنه فأبي ذلك وقتله (١) .

ولما كان القصاص ليس مالاً جاز الصلح عنه بما يمكن أن يتفق عليه الفريقان؛ لأنه صلح عما لا يجري فيه الربا فأشبه الصلح على العروض, فيصح أن يكون بدل الصلح قليلاً أو كثيراً من جنس الدية أو من خلاف جنسها, حالاً أو مؤجلاً.

أما إذا كان الصلح على الدية وليس على القصاص فإنه لا يجوز أن يكون على أكثر مما تجب فيه الدية؛ لأن ذلك يعتبر رباً، فمثلاً لا يصلح الصلح على الدية مقابل مائة وعشرين من الإبل؛ لأن الدية مائة من الإبل فقط؛ ولأن الزيادة رياً.

٥٣٢ - العفو: العفو سبب من أسباب سقوط العقوبة، وهو إما أن يكون من المجني عليه أو وليه, وإما أن يكون من ولي الأمر, ولكن العفو ليس على أي حال سبباً عاماً لإسقاط العقوبة, وإنما هو سبب خاص يسقط العقوبة في بعض الجرائم دون البعض الآخر, والقاعدة التي تحكم العفو أنه لا أثر له في جرائم الحدود, وأن له أثره فيما عدا ذلك على التفصيل الآتي:

٥٣٣ - جرائم الحدود والعفو: ليس للعفو أي أثر على الجرائم التي تجب فيها عقوبات الحدود, وليس للعفو أثر على هذه العقوبات سواء كان العفو من المجني عليه أو من ولي الأمر. فالعقوبة في هذه الجرائم لازمة محتمة ويعبر الفقهاء عنها بأنها حق الله تعالى؛ لأن ما كان حقاً لله امتنع العفو فيه أو إسقاطه (٢) .


(١) المغني ج٩ ص٤٧٧.
(٢) إذا عوقب على جريمة من جرائم الحدود بعقوبة تعزيرية مع عقوبة الحد جاز لولي الأمر أن يعفو عن العقوبة التعزيرية وحدها, وإذا امتنع الحد في جريمة من جرائم الحدود وعوقب عليها بالتعزير فليس لولي الأمر العفو عن العقوبة على الرأي الراجح.

<<  <  ج: ص:  >  >>