للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مالكًا لا يعترف بالقتل شبه العمد، ويرى أنه ليس فى كتاب الله إلا العمد والخطأ فمن زاد قسمًا ثالثًا زاد على النص ذلك أن القرآن نص على القتل العمد والقتل الخطأ فقط ولم ينص على غيرهما فقال تعالى: {مَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُوا فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُم مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللَّهِ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا * وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُّتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا} [النساء: ٩٢, ٩٣] .

والقتل العمد عند مالك هو: كل فعل تعمده الإنسان بقصد العدوان فأدى للموت أيًا كانت الآلة المستعملة فى القتل أما ما تعمده على وجه اللعب أو التأديب فهو قتل خطأ إذا لم يخرج الفعل عن حدود اللعب والتأديب المعروفة وكان بآلة اللعب والتأديب المعدة لهما، فإن خرج عن ذلك فهو قتل عمد.

ومن طبيعة تقسيم القتل إلى عمد وخطأ أن يكتفى بتعمد الجانى الفعل على وجه العدوان دون النظر إلى الآلة المستعملة فى القتل، لأن اشتراط شروط فى الآلة كأن تكون قاتلة غالبًا أو معدة للقتل يقتضى أن تكون كل الأفعال المتعمدة التى تحصل بآلة لا تقتل غالبًا كالعصا الخفيفة والسوط فلا خطأ حتى مع تعدد الضرب وموالاته. كما يقتضى أن تكون الأفعال المتعمدة التى تحصل بما لم يعد للقتل كإسقاط حائط على إنسان أو إلقائه من شاهق أو ضربه بعصًا غليظة قتلاً خطأ وهذا ما لم يقل به أحد قط، فطبيعة تقسيم القتل إلى عمد وخطأ هى التى اقتضت من مالك أن لا يشترط فى الآلة القاتلة أى شرط وسواء كانت الآلة تقتل غالبًا أو تقتل كثيرًا أو نادرًا فالقتل عمدٌ ما دام الفعل عمدًا وبقصد العدوان. بل إن هذا التقسيم اقتضى أن لا يشترط حتى قصد القتل؛ لأن اشتراطه يخرج بكثير من حالات العمد ويجعلها خطأ، وهى ليست كذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>