للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت بعض الإصابات أفحش من بعض فإن الجانى الذى أحدث أبسط الإصابات مسئول عن القتل العمد ما دامت إصابته مهلكة بذاتها ولها دخل فى القتل على انفرادها، كما أنه لا عبرة بعدد الإصابات التى أحدثها كل جان، فلو كان بشخص مائة إصابة أدت إلى قتله فالجانى الذى أحدث واحدة منها فقط مسئول عن القتل ما دام لإصابته دخل فى القتل على انفرادها، ولو كانت بقية الإصابات من فعل شخص واحد.

ويؤخذ من اعتبارهم الجانى قاتلاً عمدًا فى حالة إهمال العلاج أو إساءته أو ضعف المجنى عليه ومرضه.. الخ أنهم عرفوا نظرية تساوى الأسباب التى لم تعرفها القوانين الوضعية إلا حديثًا. فكل فعل اشترك فى إحداث الموت بحيث لم يكن الموت ليحدث لولا وقوع هذا الفعل عتبر بذاته سببًا للموت ولو أنه لم يؤد للموت إلا لوجود أسباب أخري؛ لأن هذا السبب بالذات هو الذى جعل لهذه الأسباب الأخرى أثرًا على الوفاة.

٦١ - انقطاع فعل الجانى: ويسأل الجانى عن القتل العمد نتيجة لفعله، ما دام الفعل سببًا للقتل، إلا إذا انقطع فعل الجانى بفعل آخر تغلب عليه وقضى على أثره.

فمن يجرح إنسانًا جرحًا قاتلاً يقصد قتله يعتبر قاتلاً له عمدًا إذا مات من الجرح، ولكن إذا جاء ثالث فقطع رقبة الجريح فهو القاتل والأول جارح لا قاتل؛ لأن فعل الثالث قطع فعله وقضى على أثره، كذلك تنتفى مسئولية الجانى عن القتل إذا انقطع أثر فعله، كأن يشفى جرحه قبل الموت أو إذا لم يكن لجرحه أثر على الموت.

٦٢ - نظرية السببية فى الشريعة: ويمكننا أن نستخلص مما سبق أن الشريعة الإسلامية تشترط لمسئولية الجانى عن القتل أن يكون بين فعله وبين الموت رابطة السببية وهى الرباط الذى يربط الفعل الحاصل من الجانى بالنتيجة التى يسأل عنها، ولا يشترط أن يكون فعل الجانى هو السبب الوحيد فى إحداث الموت، بل يكفى أن يكون فعل الجانى سببًا فعالاً فى إحداثه.

<<  <  ج: ص:  >  >>