للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غالبًا فالقتل عمد وإن مات فى مدة لا يموت فى مثلها غالبًا فهو شبه عمد (١) .

ومثل المنع عن الطعام والشراب ما لو عزاه أو منعه عن الاستظلال حتى قتله البرد أو الحر.

وإن كان به جوع أو عطش سابق على حبسه وعلم الحابس بذلك فالقتل عمد، إذ الغرض أن مجموع المدتين بلغ المدة القاتلة وإن لم يعلم ففى المسألة رأيان:

أحدهما: أن القتل عمد؛ لأن الحبس أهلك المحبوس فهو كما لو ضرب المريض ضربًا يهلكه دون الصحيح وهو جاهل مرضه فإنه يسأل عن قتله.

والرأى الثانى: يعتبر القتل شبه عمد لانتفاء قصد الإهلاك إذ الفاعل لم يأت بفعل مهلك؛ أى أن المدة التى حبس فيها المجنى عليه لا تملك عادة (٢) .

وأبو حنيفة لا يرى مسئولية الفاعل لأن الموت حصل بالجوع والعطش لا بالحبس والجانى لم يفعل إلا الحبس ولكن أبا يوسف ومحمدًا يعتبران الجانى قاتلاً شبه عمد (٣) لأن الجانى منع بفعله الطعام والماء عن المجنى عليه ولا حياة له بغيرهما فهو الذى أهلكه بمنعه. ولكنهما لا يعتبران القتل عمدًا لأنهما لا يريان فى الحبس وسيلة معدة للموت، وإن كان فى ذاته وسيلة تقتل غالبًا. فهما فى رأيهما مقيدان بتوفر شرطى الوسيلة القاتلة، كما أن الشافعى وأحمد يصدران فى رأيهما عن هذه الوجهة.

ويرى مالك الفعل فى كل حال قتلاً عمدًا ما دام أنه قد صدر على وجه العدوان (٤) .

٨٣ - القتل بسبب شرعى: ومثله شهادة الزور على رجل بقتل عمد


(١) المغنى ج٩ ص٣٢٨.
(٢) نهاية المحتاج ج٧ ص٢٤٠.
(٣) البحر الرائق ج٨ ص٣٩٥.
(٤) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>