للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أو زنًا أو ردة، فحكم بقتله ثم يتضح كذب الشهود بعد تنفيذ الحكم، والأئمة جميعًا (١) يعتبرون الشاهد قاتلاً عمدًا، ولأن القتل بالتسبب وليس مباشرًا فإن ابا حنيفة لا يرى فيه القصاص، والقاعدة عنده أن القتل بالتسبب لا قصاص فيه إلا إذا كان السبب ملجئًا.

والقاضى إذا حكم بالإعدام على شخص ظلمًا وهو عالم بذلك ومتعمد له اعتبر قاتلاً للمحكوم عليه عمدًا، وولى الدم إذا قتل المحكوم عليه بالقصاص ظلمًا وهو عالم أنه مظلوم يعتبر قاتلاً له عمدًا.

٨٤ - القتل بوسيلة معنوية: يرى مالك أن القتل بطريق معنوى معاب عليه باعتباره قتلاً عمدًا. فمن ألقى على إنسان حية ولو كانت ميتة فمات فزعًا ورعبًا فهو قاتل له عمدًا، وإذا سلّ عليه سيفًا فمات فزعًا فهو قاتل له عمدًا (٢) .

ويرى أحمد أن الجانى إذا شهر سيفًا فى وجه إنسان أو دلاَّه من شاهق فمات من روعته أو صاح به صيحة شديدة فخر من سطح أو نحوه فمات، أو تغفل عاقلاً فصاح به فخر ميتًا - فإنه إن تعمد ذلك كله فهو قاتل قتلاً شبه عمد ولا يعتبر أحمد القتل عمدًا لأن وسيلة القتل لا تقتل غالبًا.

وإذا بعث السلطان لامرأة ليحضرها إلى محل الحكم فأفزعها ذلك وأسقطت جنينًا ميتًا ضمنه، فإن ماتت المرأة من الإجهاض الذى ترتب على الفزع فالحادث قتل شبه عمد. وكذلك من استعدى السلطان على امرأة فأُحضرت إلى محل الحكم ففزعت وألقت جنينها أو ماتت من الفزع كان القاتل لها هو المستعدى ما لم تكن ظالمة له فلا يكون مسئولاً لأنها أحضرت بسبب ظلمها (٣) .


(١) المغنى ج٩ ص٣٣٢ , نهاية المحتاج ج٧ ص٢٤١ , بدائع الصنائع ج٧ ص٢٣٩.
(٢) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٧.
(٣) المغنى ج٩ ص٤٨٧ , ٥٨٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>