للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بتطبيق القواعد العامة على هذا النوع من وسائل القتل كما يطبقونها على التغريق والتحريق، وهم يخالفون فى طريقتهم ما يسير عليه شراح القوانين فى مصر وفرنسا وغيرهما من تخصيص فصل للكلام على القتل بالسم. وعلة عدم التخصيص فى الشريعة هى أن عقوبة القتل العمد فى الشريعة واحدة مهما اختلفت وسائل القتل؛ وهى القصاص، فلم يكن ثمة ما يدعو للتخصيص.

أما فى القانون المصرى والفرنسى مثلاً، فإن عقوبة القتل بالسم تختلف عن عقوبة القتل العادى، ومن ثم كان هناك ما يدعو للتخصيص. ويرى مالك أن القتل بالسم قتل عمد فى كل حال سواء كانت المادة سامة كثيرًا أو قليلاً، تقتل غالبًا أو كثيرًا أو نادرًا ما دام الجانى قد انتوى قتل المجنى عليه بهذه الوسيلة، وما دام المجنى عليه قد مات فعلاً.

ويستوى عند مالك أن يقدم الجانى الطعام أو الشراب او اللباس المسموم بنفسه للمجنى عليه أو بواسطة آخر، أو يضعه فى طعامه أو شرابه أو لباسه دون أن يقدمه له (١) , فهو قاتل عمدًا له فى كل حال إلا إذا علم المجنى عليه بأن الطعام أو الشراب مسموم ثم تناوله مع علمه فهو القاتل لنفسه.

ويرى أحمد أن الجانى إذا سقى المجنى عليه السم كرهًا أو خلطه بطعامه أو شرابه فأكله دون أن يعلم بأنه سم فالجانى مسئول عن القتل العمد إذا كان السم مما يقتل غالبًا. فإن كان السم مما لا يقتل مثله غالبًا فالقتل شبه عمد.

وإن خلط السم بطعام نفسه فدخل إنسان منزله دون إذنه وأكله فلا مسئولية على الجاني؛ لأن الداخل هو الذى قتل نفسه بفعله وإذا دخل المجنى عليه المنزل بإذنه - أى بإذن الجانى - وأكل الطعام المسموم دون إذنه فالحكم ما سبق (٢) .

ويتفق الشافعى مع أحمد فى حالة الإكراه فإذا سقى الجانى المجنى عليه السم كرهًا عنه فهو قاتل عمدًا إذا كان السم يقتل غالبًا، فإن لم يكن يقتل


(١) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٧.
(٢) المغنى ج٩ ص٢٤٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>