للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السلطات العامة، وقد بينا معنى العصمة بمناسبة الكلام على القتل العمد (١) ، ولكنا لم نذكر من المهدرين إلا ما اقتضى الكلام عن القتل العمد ذكرهم فبقى منهم من لم نذكره وهم: السارق سرقة عقوبتها قطع اليد، والزانى غير المحصن، والقاذف، وشارب الخمر، فهؤلاء مهدرون فيما يختص بتنفيذ العقوبة عليهم؛ فمن قطع يد السارق لا يعاقب على قطعه ولكنه يعتبر معتديًا على السلطات العامة التى من اختصاصها قطع السارقين، ومن جلد الزانى غير المحصن أو القاذف أو شارب الخمر لا يعاقب على جريمة الضرب وإنما يعاقب على أنه افتات على السلطات العامة، وأتى بعمل اختصت به نفسها؛ والعلة فى إباحة هذه الأفعال أنها حدود لا يجوز العفو عنها، ولا التراخى فى تنفيذها، وهى واجبة على الجماعة، فكل فرد يعتبر مسئولاً عن تنفيذها، والأمر سهل إذا كان دم المجنى عليه مهدرًا إهدارًا كليًّا، ولكن إذا كان الإهدار جزئيًا لتنفيذ حد يقتل من الحدود التى ذكرناها الآن ثم مات المجنى عليه نتيجة لتنفيذ الحد من أحد الأفراد، فهل يعتبر الفعل قتلاً شبه عمد أم لا؟.

قطع السارق: يعتبر السارق الذى سرق سرقة يجب فيها القطع غير معصوم بالنسبة للعضو الذى يجب قطعه، أما باقى أعضائه فمعصوم وكذلك نفسه (٢) ، فإذا عدا إنسان على السارق فقطع يده أو رجله التى يجب قطعها فلا يعاقب على القطع، لأنه قطع عضوًا غير معصوم، ويستوى عند أحمد أن يكون القطع قبل الحكم بالسرقة أو بعده مادامت السرقة ثبتت على السارق، ولكن يشترط أن تكون الدعوى مقامة، فإن لم تكن الدعوى رفعت اعتبر القاطع قاطعًا عمدًا، وإذا شهد الشهود بالسرقة ولم يحكم القاضى بالقطع انتظارًا لتعديل الشهود فقطعه قاطع فلا عقوبة عليه إذا عُدِّلت الشهود - أى ثبتت عدالتهم وصلاحهم -


(١) راجع الفقرات من ١٧ إلى ٢٧ من هذا الجزء.
(٢) نهاية المحتاج ج٧ ص٢٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>