للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن لم تعدَّل الشهود فهو قاطع ليد معصومة عمدًا. ويرى الشافعى مثل ما يراه أحمد.

أما مالك وأبو حنيفة فيشترطان أن يكون القطع بعد الحكم، فإن كان بعده فلا مسئولية على القاطع بسبب القطع، وإنما يؤاخذ على الافتيات على السلطات، أما إذا كان القطع قبل الحكم فهو مسئول عن القطع (١) .

وإذا أدى القطع إلى الوفاة فلا يسأل القاطع عن موته إلا إذا كان مسئولاً عن قطعه، فإن كان مسئولاً عن القطع فهو مسئول عن قتله عمدًا، وإن لم يكن مسئولاً فلا مسئولية.

والحجة فى عدم المسئولية: أن الموت تولد عن قطع واجب وأن إقامة الحدود واجبة ولا تحتمل التأخير، فالضرورة تقتضى التسامح فيما ينشا عن تنفيذ الحد حتى لا يتعطل تنفيذ الحدود.

والفرق عند أبى حنيفة بين هذه الحالة وحالة القصاص، أن القصاص حق للمقتص وليس واجبًا عليه وهو مخير فى حقه إن شاء عفا وإن شاء اقتص، بل هو مندوب إلى العفو، واستعمال الحق مقيد بشرط السلامة. أما الواجب فلا يتقيد بشرط السلامة.

ولا شك أن إقامة الحد واجب على كل فرد من الجماعة ولو أن الذى خصص لإقامته هو نائب الجماعة (٢) .

١١٠ - ويشترط أن يؤدى الفعل لوفاة المجنى عليه: ويستوى أن تكون الوفاة على أثر الفعل أو بعده بزمن طال هذا الزمن أو قصر فإذا لم يمت المجنى عليه من الفعل وشفى عوقب الجانى باعتباره ضاربًا أو جارحًا أو قاطعًا بحسب ما انتهت إليه حالة المجنى عليه، فإن فقد من المجنى عليه عضو أو زالت منفعته عوقب الجانى على هذه النتيجة، وتتفق القوانين الوضعية مع الشريعة فى هذا المبدأ فهى لا تعتبر الجانى شارعًا فى جريمة ضرب مفض إلى الموت إذا لم يؤد


(١) مواهب الجليل ج٦ ص٢٣١ , البحر الرائق ج٥ ص٦٢.
(٢) بدائع الصنائع ج٧ ص٣١٥ , البحر الرائق ج٥ ص٣١٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>