للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

١٦٧- فإذا استحق القصاص واحد وكان كبيرًا فله أن يستوفيه إن شاء: لقوله تعالى: {وَمَن قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا فَلاَ يُسْرِف فِّى القَتْلِ} [الإسراء: ٣٣] ولوجود سبب الولاية فى حقه على الكمال، وهو وراثة القصاص دون مزاحم.

أما إذا كان مستحق القصاص صغيرًا أو مجنونًا: فيرى الشافعى (١) وأحمد (٢) انتظار بلوغ الصبى وإفاقة المجنون إلا أنه إذا كانت إفاقة المجنون ميئوسًا منها قام وليه مقامه (٣) لأن القود للتشفى، ولا يحصل باستيفائه بمعرفة ولى الصبى أو المجنون ولا بمعرفة الحاكم. وفى مذهب أبى حنيفة (٤) رأيان: أحدهما: يرى أصحابه ما يراه الشافعى وأحمد. وثانيهما: يرى أصحابه أن يقوم القاضى أو الحاكم بالاستيفاء دون حاجة لانتظار بلوغ الصبى أو إفاقة المجنون. ويرى مالك (٥) أن لولى الصغير والمجنون ووصيهما الاستيفاء نيابة عنهما فلا حاجة لانتظار البلوغ أو الإفاقة.

ويرى أبو حنيفة أن الأب والجد يستوفيان القصاص الواجب للصغير دون الوصى، لأن ولايتهما ولاية نظر ومصلحة.

أما أبو يوسف فيرى الانتظار، ومالك يرى الاستيفاء للوصى والوالى.

سلطة ولى الصغير والمجنون: ومن يعطى الولى حق الاستيفاء عن الصغير والمجنون يعطيه حق الصلح أو العفو عن القصاص على مال بشرط أن لا يقل عن الدية، وأن يكون أصلح من القصاص للصغير، أو على الأقل تتساوى مصلحة القصاص بمصلحة العفو، فإن صالح أو عفا على أقل من الدية كان للصغير بعد بلوغه الرجوع على القاتل بما نقص من الدية، ما لم يكن القاتل معسرًا وقت الصلح كما يرى مالك. وليس للولى أن يتنازل عن القصاص مجانًا، فإن فعل فتنازله باطل (٦) .


(١) نهاية المحتاج ج٧ ص٢٨٥.
(٢) الإقناع ج٤ ص١٨١.
(٣) كما ورد ذلك فى حاشية الجزء السابع من نهاية المحتاج للشرامسلى.
(٤) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٤٣.
(٥) مواهب الجليل ج٦ ص٢٥٢.
(٦) الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢٣٠ , مواهب الجليل ج٦ ص٢٥٢ , البحر الرائق ج٨ ص٢٩٩ , ٣٠٠.

<<  <  ج: ص:  >  >>