للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

القصاص يجب عينًا (١) ، إلا أن المقتص يعزَّر لافتياته على الإمام.

أما الشافعى وأحمد فيريان أن المبادر بالقصاص ممنوع من قتل الجانى لأن بعض الجانى غير مستحق له، فإذا استوفى دون اتفاق فهو مستوفٍٍٍٍٍٍٍٍٍِِِِِِِِِِِ لحق غيره دون إذنه. والراجح أنه لا يجب القصاص عليه بفعله (٢) لأنه يستحق القصاص على وجه الشركة، ولأن الجانى مستحق عليه القصاص، كما لا يجب الحد على أحد الشريكين فى وطء الجارية المشتركة لكنه يلزم - على رأى - بحق شركائه فى الدية، لأنه هو الذى أتلف محل حقهم ويلزم - على الرأى الآخر - لورثة الجانى بدية مورثهم إلا قَدْرَ حقه منها، على أن يكون لباقى مستحقى القصاص الرجوع بحقهم فى الدية على تركة الجانى. ولرأى الشافعى وأحمد تطبيق لنظريتهما فى أن القصاص يثبت للمورث ابتداء ثم ينتقل منه للورثة، كما هو تطبيق لنظريتهما فى أن الواجب بالقتل أحد شيئين غير عين القصاص والدية (٣) .

١٧٠- وإذا تعدد مستحقو القصاص، وكانوا كبارًا وصغارًا، أو فيهم مجنون، أو بعضهم غائبًا: فيرى مالك وأبو حنيفة أن لا ينتظر البلوغ ولا إفاقة المجنون، وللعقلاء الكبار استيفاء القصاص لأن القصاص ثابت للورثة ابتداء فهو حق كل منهم على سبيل الكمال والاستقلال، لاستقلال سبب ثبوته فى حق كل مستحق، ولعدم قابليته للتجزئة، ويؤيدون رأيهم بأن عليًا رضى الله عنه أوصى الحسن بعد أن ضربه ابن ملجم فقال له: إن شئت فاقتله وإن شئت فاعف عنه، وإن تعفو خير لك فقتله الحسن، وكان فى ورثة على صغار، والاستدلال من وجهين: أحدهما: بقول علي؛ لأنه خيَّر الحسن فى القتل أو العفو


(١) بدائع الصنائع ج٧ ص٢٤٣ , الشرح الكبير للدردير ج٤ ص٢١٢ , البحر الرائق ج٨ ص٣٠٠ , ٣٠١.
(٢) فى مذهب الشافعى رأى مرجوح , ملخصه أن على المستحق القصاص إذا قتل الجانى قبل اتفاقه مع باقى المستحقين؛ لأنه اقتص فى أكثر من حقه , ولأن القصاص يجب بقتل بعض النفس إذا عرى عن الشبهة؛ فإذا اشترك شخصان فى قتل اقتص منهما لأن كلاً منهما قاتل لبعض النفس.
(٣) الشرح الكبير ج٩ ص٣٨٦ , ٣٨٧ , المهذب ج٢ ص١٩٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>