للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مطلقًا فلم يقيده ببلوغ الصغار، والثانى: لأن الحسن قتل ولم ينتظر. وكل ذلك كان فى حضور الصحابة ولم ينكره أحد فيكون إجماعًا.

ولكنهما يريان مع ذلك انتظار عودة الغائب لاحتمال عفوه، ولأنه قد يعفو دون أن يشعر الحاضر بعفوه، فإذا أجيز للحاضر أن يستوفى، استوفى حقًا قد سقط بعفو الغائب.

ويفرقون فى مذهب أبى حنيفة بين احتمال العفو من الصغير والمجنون وبين احتمال العفو من الغائب، فإن احتمال العفو من الغائب الكبير ثابت أما احتمال عفو الصغير أو المجنون فميئوس منه حال استيفاء القصاص، لأنه ليس من أهل العفو.

ويفرقون فى مذهب مالك بين الغيبة القريبة والغيبة البعيدة الميئوس منها؛ أى من عودة صاحبها ويرون الانتظار فى الغيبة القريبة دون البعيدة، وهذا هو الرأى الراجح وهناك رأى لا يفرق بين الغيبة القريبة والغيبة البعيدة (١) .

أما الشافعى وأحمد ومعهما محمد وأبو يوسف فيريان أن ورثة القتيل إذا كانوا أكثر من واحد لم يجز لبعضهم استيفاء القود إلا بإذن الباقين، فإن كان فيهم صغير ينتظر بلوغه، أو مجنون تنتظر إفاقته، أو غائب ينتظر قدومه (٢) ؛ لأن القصاص حق مشترك بينهم، فمن استوفى قبل اتفاق كل الشركاء فقد استوفى غير حقه وأبطل حق غيره ولأن القصاص أحد بدلى النفس، فإذا لم يجز انفراد أحد المستحقين بأحد البدلين وهو الدية لم يجز له أن ينفرد بالبدل الآخر وهو القصاص، ويستدلون على أن للصغير والمجنون حقهما فى القصاص بأربعة أمور:

أحدهما: أنه لو كان منفردًا لاستحق القصاص، ولو نافاه الصغير مع غيره لنافاه منفردًا.


(١) مواهب الجليل ج٦ ص٢٥٠ , ٢٥١ , شرح الدردير ج٤ ص٢٨٨ , بدائع الصنائع ج٧ ص٢٤٣ , ٢٤٤ , البحر الرائق ح٨ ص٣٠٠ , ٣٠١.
(٢) هناك رواية عن أحمد بأن للكبار العقلاء الاستيفاء دون انتظار الصغير والمجنون , ولكن هذه الرواية ليست المذهب.

<<  <  ج: ص:  >  >>